للإعلان
الجزائر

بولندا تتعهد بإيصال صوت الجزائر في أروقة الإتحاد الأوروبي

اختراق ديبلوسي استباقي جزائري تحسبا للمعركة التجارية ضد لوبيات الإتحاد اللأوروبي

صريح وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي أن الجزائر شريك مهم وموثوق لبولندا في القارة الأفريقية منذ عقود، وأعرب عن رغبة بلاده في التعاون الوثيق مع هذا البلد الشمال أفريقي. وقال إن “الجزائر وبولندا لديهما الكثير ليقدماه لبعضهما البعض، فقد كان هناك تصور إيجابي متبادل بين البلدين على مدى عقود، وينبغي أن يتبع ذلك علاقات سياسية واقتصادية أوثق وهناك حاجة إلى التسريع في علاقاتنا”.

Mf

وأكد الوزير البولندي أن بلاده “أكدت رغبتها العميقة للدفع بعلاقات أوثق، خاصة في مجال الطاقة. فالجزائر حسب سيكورسكي ثبتت “أنها شريك موثوق لكل أوروبا في مجال الطاقة، فهي من أكبر منتجي الغاز الطبيعي في العالم، كما أنها تنفذ مشاريع طموحة في مجال الطاقة المتجددة (الهيدروجين الأخضر) والتكنولوجيات الجديدة”.

و ما شد الإنتباه أن الوزير البولندي استبق التعليقات المغرضة التي قد تأتي من بعض وسائل الإعلام، نؤكدا أن بلاده، التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي العام المقبل، ستعمل على إيصال صوت الجزائر داخل الاتحاد الأوروبي. وهذا التصريح لا يأتي بالصدفة، حيث يتزامن مع قرار الاتحاد الأوروبي بـ”إطلاق إجراءات تسوية نزاع ضد الجزائر”. ويتهم الاتحاد الأوروبي الجزائر، التي -ترفض بشدة المواصلة بالعمل باتفاقية الشراكة التجارية مع أورو-، بفرض “تدابير تجارية تقييدية” على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي.

وتلق المفوضية الأوروبية اللوم على الجزائر منتقدة تقليص هذه الأخيرة وبشكل كبير واردتها من الاتحاد الأوروبي خلال العقد الماضي. إذ بينما كانت الواردات إلى الجزائر تبلغ 22.3 مليار دولار (20 مليار يورو) في عام 2015، فإنها لا تزيد عن 14.9 مليار دولار (13.9 مليار يورو) في عام 2023. و توجسا من المنافسة الصينية و ضعت المفوضية بإيعاز من بعض اللوبيات الإقتصادية، قطاعان تحت المجهر بشكل خاص: الزراعة والسيارات.

لم يفت تصريح سيكورسكي الرد من الوزير الجزائري، الذي ذكّر بالمواقف المشرفية لبولندا في العديد من القضايا الجيوسياسية. فقد ذكر أن البلدين “أكدا تمسكهما الشديد بضمان الأمن والاستقرار الإقليميين، سواء في أوروبا أو في منطقة الساحل، حيث تزداد التحديات بشكل كبير”. وأشار سيكورسكي في هذا الصدد إلى أن منطقة الساحل تبرر جهود الجزائر في هذه المنطقة، التي تواجه عدم الاستقرار السياسي والإرهاب والهجرة غير الشرعية وأنشطة القوى المرتزقة الأجنبية.

وأثنى عطاف بشدة على موقف جمهورية بولندا من القضية الفلسطينية، لاسيما ثبات موقفها في الاعتراف الدبلوماسي بالدولة الفلسطينية، وكذلك تصويتها الأخير لصالح قرار الجمعية العامة (الجمعية العامة) بشأن قبول فلسطين كدولة عضو كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

وقد تكون الروابط التاريخية التي تجمع بين الجزائر (سكانها 44 مليون نسمة) وبولندا (سكانها 38 مليون نسمة)، البلدان ذوي الماضي الغني والحافل بالمقاومات، ميزة استراتيجية رئيسية للجزائر في المفاوضات المرتقبة بشأن اتفاقية التجارة الجزائر-الاتحاد الأوروبي.

و بالفعل المحادثات بين الطرفين إلى “مخرجات هادفة وتوافقات بناءة تؤكد على الإرادة المشتركة التي تحذو البلدين في تثمين الآفاق الواعدة لتوطيد العلاقات التاريخية والمتجذرة بين البلدين الصديقين”.

و أعلن عاف أنه “قد تم الاتفاق اليوم على برمجة الدورة الأولى للجنة الحكومية الجزائرية-البولندية للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والتقني, التي أنشئت بموجب الاتفاق الموقع في 2017”, إلى جانب الاتفاق “على تعزيز الإطار القانوني للتعاون الثنائي وعصرنته, عبر ثلاث خطوات رئيسية تشمل استكمال المفاوضات حول مشاريع الاتفاقيات المعروضة حاليا على تقدير الطرفين في مجالات الفلاحة والتعليم العالي والبحث العلمي والرياضة, الى جانب تحديث الاتفاقيات القديمة التي لا تتناسب مع السياق الحالي للعلاقات الثنائية ومع التغيرات الجذرية التي عرفها كلا البلدين, واخيرا, اقتراح مشاريع اتفاقيات جديدة تهتم بالمحاور المستجدة, على غرار الذكاء الاصطناعي, البيئة والمناخ, الطاقات المتجددة, الأمن السيبرياني, وغيرها من المواضيع التي تتصدر اهتمامات وأولويات البلدين في المرحلة الراهنة”.

واغتنم السيد عطاف الفرصة من أجل الاشادة بالموقف المشرف لجمهورية بولندا من هذا العدوان, ومن القضية الفلسطينية برمتها, لا سيما ثباتها على موقف الاعتراف الدبلوماسي بالدولة الفلسطينية, وكذا تصويتها مؤخرا لصالح قرار الجمعية العامة المتعلق بمشروع العضوية الكاملة لدولة فلسطين بمنظمة الأمم المتحدة.

وفي الختام, شكل لقاء الوزيرين فرصة لتهنئة الوزير البولندي بصفة مسبقة على رئاسة بلاده المقبلة لمجلس الاتحاد الأوروبي ابتداء من العام المقبل, وكذا تبادل وجهات النظر حول الشراكة التي تجمع الجزائر بهذا التكتل منذ ما يقرب العقدين من الزمن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى