عن عروبة الأمازيغية وإيديولوجية النزعة البربرية الاستعمارية
مقارنة بين اللهجات البربرية واليمانية والعمانية القديمة
ربما يكون الباحث العُمانى سعيد بن عبد الله الدارودى، أوّل عربى مشرقى يعنى بالخوض فى موضوع المقارنة اللغوية للهجات البربرية مع اللهجات القديمة في اليمن وعمان، وهو الموضوع الذي بقي محصورا دائما فى أقطار دول المغرب، ولم يأخذ الاهتمام الذي يستحقه من عرب المشرق، رغم أهميته، بل وخطورته، كونه يمس وحدة (المشرق والمغرب) الأمة حاضرا ومستقبلاً. l وما لفت انتباه الأستاذ الدارودى في موضوع البربر، لا سيما في الجزائر والمغرب، أن جهات فرنسية تعمل باستمرار، وتدعم جهود بعض الأشخاص الذين يروجون لاختلاف البربر عن العرب لغويا وفي جميع النواحي الاجتماعية، وذلك بهدف تمزيق نسيج مجتمعات المغرب الكبير، وزرع الحساسيات التي تدفع باتجاه الاستعانة بفرنسا لدعم مساع انعزالية، وأبعد من هذا، للترويج لنزعات معادية للعرب والعروبة الثقافية، أو زرع بذور حرب عرقية.
مغرب فاكت |
ويقول الكاتب أن المعنى من بحثه ليس بتعريب الأمازيغيين، ولكن من خلال بحث لغوى معمق وهو أول بحث علمي من نوعه وجودته. فهو بحث نادر يكشف الكثير من الحقائق المخفية والمقاربات اللغوية ، يهدف الى المقارنة بين مفردات اللهجات الأمازيغية الشائعة اليوم وبين مفردات اللغة العربية ولهجاتها القديمة ، والتى يعود بعضها، وهو غير قليل، إلى مفردات عُمانية، تحديدا ظفارية شحارية.
وفي هذا الإطار صدر للأستاذ الباحث العماني في علم اللغة المقارن سعيد بن عبد الله الدارودي كتاب بعنوان “حول عروبة البربر من خلال اللسان”، مقدماً مجموعة من الأدلة من المعمار والموسيقى والكتابة القديمة وغيرها، كما يستند في أطروحته إلى الحجج اللغوية.
وقد عمد المؤلف إلى التنقيب اللغوي في بلاد ظفار الواقعة بين عمان واليمن، حيث عكف مدة 17 سنة على البحث في لهجاتها مقارناً بينها وبين اللسان العربي الفصيح ولهجات البربر وخلص أن له علاقة قوية بالهجرات القديمة التي قدمت من المشرق وحطت رحالها في شمال إفريقيا.
مما ورد في مقدمة الكتاب نقرأ:” عديدة هي الأدلة التي تخبر عن أرومة البربر المشرقية، أدلة من المعمار، والموسيقى، والكتابة القديمة.. وغيرها، لكن الحجج اللغوية تظل الأقوى تأكيدا، …”
وقد ذكر في كتابه مئات من الكلمات المشتركة بين اللهجات البربرية واللهجات القديمة في اليمن وعمان، فمثلا البربرية يقولون: اغروم، اي: الخبز، وأهل اليمن يقولون: الغرم.
ويقول البربر: وكر او: اكر، اي: قف وقم، وفي العربية القديمة في اليمن يقال: وَكَر الضبي، أي: وقف.
أما الغنجاية او تاغونجايت معناها بالبربرية: الملعقة، وفي اليمن يقولون للملعقة: الغنجاي.
المراة يسميها البربر: امطوث، وفي العربية الجنوبية (عربية اندثرت) تسمى المرأة: الطامث.
أما اوشن معناها بالبربرية: الذئب، وفي اليمن يقولون: انشنن الذئب في الغنم.
وكلمة امقران في القبايلية تعنى الكبير، وفي العربية: اقرن، اي كبير في السن.
وغيرها كثير من الكلمات المتشابهه بين البربرية والعربيات الجنوبية، والتي جردها الكاتب في كتابه كأدلة توثق الأصل المشترك
وقد تم إغناء الكتاب ببيانات في غاية الأهمية لعشرات الكلمات البربرية وما يرادفها في لهجات ظفار وعُمان واليمن ليكتشف القارئ أننا أمام أصل واحد وحضارة واحدة.
ولم يقتصر الأمر على الأصول اللغوية المتشابهة، بل حتى في أسماء الأماكن فعدد لا بأس به من أسماء الأماكن التي توجد في اليمن، لها صيغ بربرية واضحة ولبعضها مدلولات في اللغة ًالبربريةً. منها في منطقة ظفار شرق اليمن، المناطق التالية: ذات الصيغ البربرية الصرفة كأشمصي، إخموم، أخفوري، أخيوم، أخندق، أجار، أجمجوم، … وكلمة (تيزي) التي تعني جبل في اللغة الظفارية شرق اليمن
ومما لفت انتباه الأستاذ الدارودى فى موضوع البربر ، لا سيما فى الجزائر والمغرب، أن جهات فرنسية تعمل باستمرار، وتدعم جهود بعض الأشخاص الذين يروجون لاختلاف البربر عن العرب لغويا وفي جميع النواحي الاجتماعية ، وذلك بهدف تمزيق نسيج مجتمعات المغرب الكبير، وزرع الحساسيات التى تدفع باتجاه الاستعانة بفرنسا لدعم مساع انعزالية، وأبعد من هذا، للترويج لنزعات معادية للعرب والعروبة الثقافية، أو زرع بذور حرب عرقية، بما يجره هذا الخطاب الذى يغذى من جهات استعمارية عملت دائما على زرع كل أسباب التباعد بين العرب والبربر، وإضعاف الصلة بينهم، وحرمانهم من بناء وطن واحد قوى ومنيع.. إلى صراعات حادة تضعف نسيج المجتمع الواحد فى المجتمع المحلى الواحد.
يركز الباحث على مناقشة ادعاء بعض “دعاة الأمازيغية السياسية” على اختلاف اللغة البربرية عن اللغة العربية، علما بأنه لا توجد لغة بربرية واحدة، كما يرى بالوقائع، بل لهجات مختلفة كليا، بحيث لا يستطيع الناطق بالشلحية التخاطب مع الناطق بالقبايلية .
( هذا الرأي يتفق معه فيه حتى الباحثين الأمازيغيين ومن مثيل ذلك ما ورد في مقال للدكتور الشلحي المغربي محند الكوخي )
مقارنة بين اللهجات البربرية والعربية
يكتب الدارودى فى المقدمة المستفيضة: ما انفك المنخرطون فى هذه الحركة منذ البداية يشيعون بأن أهم عوامل استقلال البربر عن غيرهم، وتفردهم، هو عامل اللسان ( اللغة ) ، مشيرا إلى سعى “دعاة الأمازيغية الانعزالية “لاصطناع لغة موحدة، وتقعيدها، للتغلّب على مشكلة اللهجات المختلفة التى لا تمكن البربر من التفاهم فيما بينهم، وذلك بوضع المعاجم، وتقعيد هذه اللغة الواحدة، للبرهنة على أنها تختلف عن اللغة العربية تحديدا.
وأوضح من خلال المقدمة أنه رغم هذه الجهود المضنية التى تقوم بها الحركة – يقصد الحركة البربيرية السياسية – وكل هذه التجمعات، والمراكز، والباحثين اللسانيين المنتمين إليها،
لم يسع أي أحد منهم إلى القيام بمشروع لمقارنة لغوية ما بين اللسانين البربري والعربى القديم لإظهار ما بينهما من أواصر القربى.
علما أن كل من العربية والبربرية يصنفان في علوم اللسانيات في نفس العائلة اللغوية : لغات ( آفرو–آسيوية )
ويقول الكاتب عن كتابه أن المعنى ليس بتعريب البربر، ولكن من خلال بحث لغوى معمق وهو أول بحث علمي من نوعه وجودته فهو بحث نادر يكشف الكثير من الحقائق المخفية والمقاربات اللغوية ، يهدف الى المقارنة بين مفردات اللهجات الأمازيغية الشائعة اليوم وبين مفردات اللغة العربية القديمة ( خصوصا اللغات العربية الجنوبية ) ، والتى يعود بعضها، وهو غير قليل، إلى مفردات عُمانية ويمنية ، تحديدا ظفارية شحارية.
المصدر | .alnssabon.com