للإعلان
إفريقيا

كيف يمكن لمجموعة الثلاث (تونس، الجزائر، ليبيا) الإستفادة من اتحاد كونفدرالية دول الساحل الجديدة (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) ؟

خلال نهاية الأسبوع وموازاة لأجتماعات رفيعة المستوى في غرب أفريقيا الأيكواس المشتتة بفعل تسارع التغيرات الجيوسياسية، أسفرت قمة تحالف دول الساحل، التي ضمت النيجر ومالي وبوركينا فاسو، عن إنشاء “كونفدرالية” يوم السبت 6 يوليو في نياميو ت\أكيد طلاقها النهائي مع لأيكواس التي يعتبرونه من امتدادا للتأثير الإستعماري لفرنسا على المنطقة

Mf

كتبه | أحمد زكريا / ترجمته ميرة ملاك نورهان


وقّعت النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وهي 3 دول في غرب أفريقيا يقودها الجيش، معاهدة “اتحاد كونفدرالي” في نيامي أمس السبت، وذلك في تطور يؤكد تصميمها على رسم مسار مشترك خارج المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تضم 15 بلدا من غرب افريقيا.

وأعلن الرؤساء الثلاثة رسميًا أن شعب الساحل قرر فتح صفحة جديدة من خلال إبرام طلاقه النهائي من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي يعتبرها بمثابة التجسيد الفعلي للتأثير الفرنسي المستعمر التاريخي، في المنطقة. إعلان نشاة الكونفديرلية يعني انطلاقة في مواجهة تحديات أخرى كبيرة من ِانها خلط الحسابات في المنطقة التي تشهد سلسة تمرد متكررة تلازمها منذ عقود

واستولت المجالس العسكرية في الدول الثلاث على السلطة بسلسلة من الانقلابات في الفترة بين عامي 2020 و2023، وقطعت العلاقات العسكرية والدبلوماسية مع الحلفاء الإقليميين والقوى الغربية خاصة منها فرنسا.

ووصف القائد العسكري للنيجر الجنرال عبد الرحمن تياني رئيس CNSP في النيجر، قمة تحالف دول الساحل بأنها “تتويج لإرادتنا المشتركة الحازمة لاستعادة سيادتنا الوطنية”. تياني، وعبرعن سروره “بأن الموافقة الرسمية على المعاهدة المنشئة لاتحاد تحالف دول الساحل (AES) ستحقق تطلعات سكان البلدان الموقعة لإرساء أساس فضاء ساحلي، وهو اتحاد للدول التي تتقاسم نفس التحديات ونفس الطموحات، في كلمة واحدة. ، نفس المصير.”

ويؤكد إضفاء الطابع الرسمي على المعاهدة لإقامة “اتحاد كونفدرالي” رفض النيجر ومالي وبوركينا فاسو لمجموعة إيكواس الاقتصادية الإقليمية التي تضم 15 بلدا.

ويأتي توقيع الاتفاق قبل يوم واحد من انعقاد قمة المجموعة التي كانت تأمل في إقناع الدول الثلاث بإعادة النظر في قرارها في يناير/كانون الثاني بالانسحاب من التكتل.

ولم يتضح بعد كيف سينسق تحالف دول الساحل بين العلاقات السياسية والاقتصادية والدفاعية، في الوقت الذي تجابه فيه أزمات اقتصادية واجتماعية متعددة الأوجه في ظل عزلة دوليه واقليمية خانقةو حرب تدزم منذ 10 سنوات مع “الإرهاب”

وفي مارس/آذار، اتفقت الدول الثلاث على تشكيل قوة مشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية عبر أراضيها.

وفي بيان صدر بعد القمة، قالت الدول إنها اتفقت على تنسيق الإجراءات الدبلوماسية، وإنشاء بنك استثماري وصندوق استقرار لتحالف دول الساحل وتجميع مواردها لإقامة مشاريع في القطاعات الإستراتيجية بما في ذلك التعدين والطاقة والزراعة.

كيف يمكن للجزائر و تونس و التعامل مع هذا التكتل و الإستفادة من الخريطة الجيوسياسية المنبثقة عنه

باعتبارها بلداناً متاخمة لمنطقة الساحل، فإنمجموعة الثلاثة المشكلة من الجزائر وتونس وليبيا تراقب عن كثب ما قد ينجر عن المبادرة، التي يمكن ان توفر لها فرصاً لاغتنامها وتحديات كبيرة يتعين ضبط الحسابات في شأنها خاصة و انها محط منافسة دولية شرسة من اجل التأثير الإقتصادي في المنطقة.

التجمع بين بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر و التشاد قريبا يشكل إجمالي ناتج محلي يقارب ال100 مليار دولار أمريكي وتعداد سكاني يزيد عن 100 مليون نسمة، وهو بمثابة سوقا محتملة كبيرة وطبيعية بحكم الترابط الجغرافي والإجتماعي للمنطقة التي تشكل الجزائر وتونس وليبيا جزءا لا يتجزأ منها.

فالتكامل الاقتصادي الإقليمي الناجم عن AES يفتح آفاقًا جديدة للشركات الجزائرية والتونسية والليبية. ومن المتوقع أن يتم تكثيف التجارة والاستثمار البينية ، مما يوفر فرصا كبيرة للنمو و على الخصوص في المناطق الحدودية كمرحلة اولى. كما أن مشاريع البنية التحتية المشتركة التي تدخل ضمن خطة شاملة مدمجة، مثل شبكات النقل والاتصالات، والطاقة ستفيد هذه البلدان الثلاثة أيضا من خلال تحسين اتصالها ببقية البلدان المغاربية التي تشكل لها منفذا بحريا بالاف الكلومترات و عشرات الموانئ المتطورة.

ولعل زيارة نبيل عمار وزير خارجية تونس لوغادوغو ببوركينا فاسو و كذا العودة التدريجية لدفء العلاقات بين مالي و النيجر بعودة الممثليات الدبلوماسية يمكن اعتبارها إشارات للتأقلم السريع لدبلوماسية دول مجموعة الثلاث المغاربية مع التغيرات الجيوسياسية الإقليمبة.

المراهنة على نجاح المشروع سيساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في جميع أنحاء منطقة الساحل، وهو أمر ضروري لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر وتونس وليبيا وكذا فتح اسواق جديدة بالعمق الإفريقي و التخفيف من التقلبات الأستفزازيةالتجارية للأتحاد الأوروبي كجهاز إداري، الذي يحصر علاقاته فقط في المصالح التجارية دون الأخذ بعين الإعتبار الخيارات السيادية لدول الجنوب . وهذه البلدان الثلاثة، التي تشكل منطقة الساحل عمقا استراتيجيا لها، لديها مصلحة كبيرة في المشاركة بنشاط في هذا التحالف الإقليمي.

ومع ذلك، فإن التنفيذ الناجح لـ AES لن يكون خاليًا من التحديات. وسيكون ضمان التنسيق الفعال بين الدول الأعضاء والإدارة القوية للتحالف أمرا بالغ الأهمية. كما أن تمويل المشاريع العديدة المخطط لها في مجالات الأمن والاقتصاد والبنية التحتية سيمثل تحديا كبيرا قد قطعت الجزائر شوطا كبيرا للتحضير له عبر شاريع عابرة الحدود كالطريق الصحراوي و خط أنبوب الغاز نيجيريا اوروبا الذي يقطع نيجيريا النيجر الجزائر تونس إلى اوروبا و كذا خط السكك الحديديية و الألياف البصرية وكذا مناطق التبادل الحر الحدودية.

وفي مواجهة هذه التحديات، سيتعين على الدول الثلاث المتجاورة إظهار القيادة والرؤية الاستراتيجية لتحقيق أقصى استفادة من هذا التحالف الإقليمي الجديد، في حين تواجه التحديات التي ستطرح نفسها أمامها. يعد نجاح AES ضروريًا للأمن والتنمية الاقتصادية في المنطقة بأكملها، والتي يعتمد عليها مستقبل الجزائر وتونس وليبيا إلى حد كبير.

ويتوقف نجاح هذه الرؤيا على ضرورة إسراع دول الكونفدرالية الجديدة إلى الرجوع للإطار الدستوري في الحكم بتنظيم انتقال سياسي ديمقراطي و كذا الإنسياق وراء المشاريع التوسعية لبعض اللاعبين الدوليين الذين يقفزون على حبلي الشراكة الإقتصادية و تجارة الحروب و النعرات الإنفصالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى