مقالات الربيع العربي الجزء الرابع: سورياأيتها المصلوبة بين الأمم
بقلم: مليكة .س
–
لا يوجد كلام ولا قلم باستطاعته أن يصف ما لا يوصف.فما حدث ويحدث في سوريا لا يستطيع عقل استيعابه وفك طلاسمه ولا يستطيع قلب تحمل أوجاعه ليحولها شعرا أو نثرا
!!!سوريا يا وجع القلب
تكالبت عليك الأمم تنهش جسدك ، الأعداء يضرمون النار في أحشائك ، و الأقرباء ينفثون فيك سموم أحقادهم وغلهم فماذا جنى شعبك على نفسه ؟ ولما ؟
…سوريا قبل 15مارس 2011 كانت بلدا آمنا ، تعيش فيه اكثر من 17 طائفة بسلام متوارث جيل عن جيل منذ عشرات السنين
!!! لكن
حماس الربيع العربي ، و حالة جنون العظمة التي اصيب بها الناطقون باسمه في قنوات الإعلام المضلل -أقل ما يقال عنها انها مؤسسات تضم فئات من المجانين والمختلين عقليا يطلق عليهم اسم صحفيين وإعلاميين – ارادوا ان يذهبوا بعيدا بتجربة قنواتهم المتصاعدة معتقدين أنه بمقدورهم ان يسقطوا اي نظام تقرر اسقاطه في مكاتب المخابرات التي لا تبعد كثيرا عن مقرات بثهم ؟
فكان البرنامج المقرر حينها ” اسقاط نظام سوريا ” وكم هي من مهمة صعبة المنال ؟
فسوريا منذ اكثر من خمسين عام ، تتعرض الى مضايقات و اعتداءات ، وموجات تحريض و محاولات زعزعة ، تحاصر من حولها ثم تفاوض ، ولكنها كانت دائمة الصمود
فهل تستطيع عبقرية الاعلاميين الثرثارين ، و ملايين الدولارات لحكام الخليج ، و كل عوامل اللحظة الفارقة التي عصفت بالعالم العربي أن تغير معطيات الصلابة السورية ؟
تحد حقيقي لإرادة الجنون العربي امام صمود اكثر من اسطوري لجيش وقيادة و شعب او على الاقل لجزء من شعب متحد مع ارادة قيادته.
لم تنجح اساليب التحريض وان كانت قوية ، فلدي الإعلاميين القدرة الفائقة على ايقاظ ما نام من أحقاد وفتن ، فكان لا بد ان يرجعوا الى أحداث الثمانينات التي عصفت بسوريا ، والتي ادت الى صراع بين السلطة وجماعة الإخوان
هناك من لا يعرف شيئا عن طبيعة تلك الأحداث والمرحلة التي جاءت فيها ؟ لا يعرفون الا ما يقول الإعلام الأعور الذي يقص على الناس نصف الحكاية.
الصراع بين السلطة والإخوان جاء في ظروف اشتعلت فيها حرب اهلية في لبنان ، و كان السكوت على اعتداءات الجماعة على طوائف مسيحية و غيرها في سوريا امرا خطيرا ، لم تر الدولة الا ان تضرب بيد من حديد علي من كان يخطط لصراع آخر في سوريا
تأخر هدا الصراع لكن للأسف اعادوا احياءه بعد اكثر من30 عام!
بعث الاحقاد ، تذكير الناس بآلامهم وأوجاعهم النائمة ، فتح سجل الثأر من النظام هي الخطة الأولى التي اشتغل عليها الإعلام لتأجيج الاوضاع في وسوريا ، رغم ذلك لم نشاهد مظاهرات ضخمة تدعو الى اسقاط النظام بحجم التظاهرات التي شوهدت في تونس ومصر ؟
صحيح ان كثير من السوريين ، تظاهروا في البداية عن حسن نية ، لاسماع صوتهم الرافض للفساد الذي تعرفه البلاد ، ولمزيد من الحريات السياسية ، لكنهم لم يكونوا يدرون ان اللعبة تتجاوز بكثير ما خرجوا من اجله !!!
فمسألة اسقاط سوريا ليس لعبة شوارع ، ولا حتى لعبة قنوات إعلامية ؟
لم يكتفي الإعلام بإحياء الاحقاد النائمة والتذكير بمدن سورية عاشت احداثا ماساوية في بداية الثمانينات ، بل ذهب بعيدا رغبة منه في مزيد من الضغط النفسي على الشعب السوري املا في تاجيج وتضخيم حجم التظاهر و الغضب …اصبح الكلام الآن عن طائفة علوية تتحكم بمصير سوريا ، وتستعبد بقية الطوائف ، اصبح الحديث عن طائفة سنية مزدرية ومهمشة في سوريا يجب ان تنتفض لكرامتها و حمايتها ؟؟
ثم انتقل الامر الى ما هو اخطر وهو لغة العنف .
مصطلح الشبيحة ، اخترعوه خصيصا لاثارة الفوضى ، و بث الخوف بين طوائف الشعب ، كل شيء يمكن ان يتصوره الشيطان فعلوه لجر شعب سوريا الى حرب طائفية بما انهم فشلوا في اخراجه ضد نظامه.
نظام ابدى في الواقع كل ليونة مع مطالب المتظاهرين ،رغبة في اطفاء لهيبها ….فكان رفع حالة الطوارئ ، منح مزيد من الحقوق للاكراد ، و اصلاحات سياسية بشر بها.
لم ينفع هذا
فالمطلوب ليس اصلاحات سياسية ،المطلوب معاقبة سوريا لمواقفها منذ عشرات السنين ، و اعاقتها لمخطط امريكا للمنطقة و المطلوب راس بشار الأسد تحديدا الذي لقب امراء النفط باشباه الرجال اثناء الحرب التي اعلونها على جزب الله في صائفة 2006 ووضعوا في واجهتها حليفهم الأول اسرائيل .؟ هم الحاقدون الذين لا يغفرون ابدا للأخ والقريب بينما يسجدون لأسيادهم في واشنطن وتل ابيب ويفيضون عليهم رحمة و مودة.
بين 2006 و2011 مجرد 5سنوات ، جاءت الفرصة بعدها لحقراء الخليج ان ينتقموا منه و وضعوا من اجل اشفاء غليلهم كل امكانياتهم المادية من مال وسلاح ومرتزقة من اجل اذلاله ؟؟
لكن الله لا يذل الا من شاء
سوريا اختارت التحالف مع ايران ، لان ايران تدعم خط المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين تدعم المقاومة في فلسطين ولبنان منذ الثورة الاسلامية ، و هي ضد المشروع الامريكي في العراق والمنطقة ، وهذا عكس التيار التي تسبح فيه كامل دول المنطقة المرتمية في احضان امريكا .فهل هذه هي خطيئة سوريا ؟؟؟
نعم خطيئة سوريا انها ارادت ان تحافظ على اصالتها ، تؤمن بعراقة تراثها ، وحقوقها التاريخية في منطقة تسلب من شعوبها .؟
“الشبيحة تقتل المتظاهرين” بات الإعلام يركز على هذا المصطلح الخبيث لغرسه في لا وعي السوريين والعرب ، و شبيحة النظام يقتلون الاطفال و النساء ، يعتدون على السنة وحمل السلاح صار مشروعا والجهاد واجبا !!! وحي على الجهاد.
جاء دور الشيوخ ليكملوا ما بدأ به إعلامهم . فالأدوار موزعة بإتقان ! ومخاطبة الإنسان العربي السطحي المائل إلى الغيبيات ،لا بد اللعب عليه .لا شيء يخفى على من يدرس مزاج العرب ويعتبرهم مجرد حجارة تحرك في الإتجاه الذي يخطط لها.
فتاوى للجهاد ، و فتحت الحدود من كل الجوانب ليصل آلاف الجهاديين الى سوريا لتحريرها من نظام يقتل صار يقتل شعبه ؟؟
نظام يقتل شعبه ؟؟؟
معروف عليه انه آوى كل لاجئي الحروب التي عرفتها المنطقة ولم يسكنهم الخيام
معروف عليه انه آوى شخصيات المقاومة التي تعرض بسببها الى تهديدات مباشرة
معروف عليه رفضه ومقاومته لمشروع امريكا في احتلال العراق
نظلم دعم المقاومة في فلسطين ولبنان في وقت استسلم فيه الجميع
نظام معروف عليه انه هدد مباشرة من قبل الادارة الامريكية بالمعاقبة منذ 2001
جاء المجاهدون من كل مكان لاسقاط الطاغية ، و اجتمع اصدقاء سوريا ؟ لتسهيل مرورهم وتسليحهم ، ووعدو ا باسقاط النظام في اسابيع ثم اشهر ثم سنوات ؟؟ ولم يحدث.
لا احد يستطيع ان يفهم تفاصيل ما يحدث في سوريا ، ولا كيف ظهر آلاف المجاهدين فجأة من غير السوريين ، ولا كيف دخلوا وكيف ومتى جاؤوا ، رغم ان شهادات شخصيات سياسية اروبية وامريكيية ت كثيرة حدثت عن الإعداد للحرب ضد سوريا قبل الاحداث بسنوات ؟؟
لا يمكن ان تقنع عقول من تعاطفوا مع الفورة السورية ، رغم كل الجحيم الذي صنعته ؟ “فبشار الاسد شيطان ومجرم ، يقتل الشعب السوري .” ولا حقيقة غير هذه ، هذا ما عمل الإعلام على ترسيخه في عقول الناس عبر حملات اعلامية صرفت عليها اموال طائلة من اجل تسليح معارضات تبين انها مجرد عصابات قاتلة ، شاذة ، مرتزقة لا يجمع بينها مبدا ولا هدف إلا هدف التخريب والقتل
جيش حر منشق في البداية ليحمي الثورة ، ثم عصابات القاعدة وكل حثالات الجماعات الاسلامية الغريبة التي جاءت تدعمه لإسقاط الرئيس بشارالاسد
عصابات تتقاتل مع بعضها ، وتقاتل النظام ، يدعمها اكثر من طرف اقليمي ودولي يتلاعبون بها على حساب مستقبل اطفال سوريا وشعبها.
فشل وراء فشل
لا النظام سقط ولا الحرب الطائفية حدثت ……بل انزلقت الامور الى ما هو ابعد من اسقاط نظام و حرب طائفية ؟ ولا زال الحاقدون على سوريا متمسكون بإسقاط النظام فيها ، رغم ان الأرض التي يقفون عليها بدأت تضطرب ا تحت اقدامهم من جراء هذا الإصرار ؟ فاي لعنة اصابت من اراد ذبح شعب بأكمله لمجرد ان نظامه لا يتماشى مع الجماعة التي تريد فرض هيمنتها على كل شعوب الأرض ؟؟
فإلى اين ؟
ديسمبر 2015