للإعلان
اقتصادالجزائر

هل تنوي دوائر أوروبية كبح تنامي الوزن الأقتصادي الجزائري؟

ما هي عوامل القوة و الضعف لدى الطرفين؟

نشر الاتحاد الأوروبي في 14 يونيو 2024 بيانا رسميا أعلن فيه عن نزاع مع الجزائر، ولكن الطرفين تجنبا الكشف عن ذلك ربما لتجنب تفاقم الموقف والحفاظ على فرص ودية للتسوية ورغم حساسية الملف إلا أنه لا يمكن أن يكون سببا للقطيعة النهائية.  إذ أن لمصالح الاقتصادية المتنامية خاصة في مجال الطاقة بين الطرفين تجعلهما يتحركان بحذر شديد. .

MF

كتبته | رشيد غيزالي


بروكسل تشكو من قيام الجزائر بإغلاق أسواقها أمام الشركات الأوروبية، لا سيما من خلال فرض قيود على تراخيص الاستيراد السلع المرتبطة بالمدخلات المحلية لصناع السيارات، وكذلك تحديد حصة الملكية الأجنبية في أنشطة الاستيراد. أما الجزائر ومع تسارع نمو اقتصادها الوطني منذ 3 سنوات متتالية، ليس لها خيار آخر سوى المحافظة على هاته الوتيرة وضمان أسواق عالمية لمنتجاتها خاصة وانها ما انفكت تطالب منذ سنوات بإعادة النظر في اتفاق الشراكة الاقتصادية “الغير متوازن”

من جهة أخرى، ليس أمام الاتحاد الأوروبي سوى الدخول في مفاوضات نظرا لحاجة اقتصادها المتزايد لموارد الطاقة الجزائرية والتأثير المتزايد للجزائر على الساحة الإقليمية وكذا التحالفات الاستراتيجية مع بعض الدول من داخل الاتحاد بالأخص إيطاليا، مما يجعل بعض الدوائر المؤثرة الأوروبية وربما غيرها تتوج من أن التقارب الاستراتيجي الجزائري الإيطالي قد يحدث شرخا داخل الاتحاد كما كان الحال بالنسبة للشرخ الذي احدثته الجزائر داخل الطبقة السياسية الإسبانية بسبب علاقة الاشتراكي بيدرو سانشيز بالمخزن المغربي

وقد أعلن أنه بدأ إجراءات تسوية النزاعات ضد الجزائر، متهما إياها بالحد من نطاق الصادرات والاستثمارات الأوروبية من خلال القيود المفروضة منذ عام 2021.

وأوضحت المفوضية الأوروبية في بيانها أن “هدف الاتحاد هو إجراء حوار بناء مع الجزائر من أجل إزالة القيود في العديد من القطاعات، من المنتجات الزراعية إلى السيارات”. ويضيف المصدر ذاته أن “هذه القيود تشمل نظام تراخيص الاستيراد التي لها تأثير حظر الاستيراد، والإعانات المشروطة باستخدام المدخلات المحلية الصناعية، وتحديد الملكية الأجنبية في الشركات التي تستورد السلع إلى الجزائر”

ومن مصادر التوجس الأوروبي هذا العام، حظر فتح الحسابات المصرفية لأي شركة مستوردة لمنتجات الرخام والسيراميك بصورتها النهائية، وهو ما يُعتبر طريقة «لبقة” لحظر استيراد هذه المنتجات. كما ينتقد الاتحاد الأوروبي تجميد التبادل التجاري بين إسبانيا والجزائر، والذي تم إقراره من قبل السلطات الجزائرية في صيف 2022 للرد على انحياز حكومة بيدرو سانشيز لموقف المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية

ورغم أن تجارة بعض المنتجات الزراعية قد تحررت هذا العام، وكذلك الغاز، إلا أن الجمود لا يزال مستمرا في بقية المجالات. وهذا بدأ في التأثير على الإسبان الذين كانوا نشطين للغاية في الأسواق الجزائرية. ودعم الاتحاد الأوروبي مدريد في معركتها ضد الجزائر، والآن ثأر الأخيرة طبق بارد.

أما فرنسا والجزائر فلديهما خلافات دبلوماسية لم تُحسم بعدو يستبعد حلها مع اكتساح اليمين المتطرف الساحة السياسية واقترابه المسك بمقاليد الحكم قبل الزيارة المرتقبة المستبعدة في آن الوقت للرئيس تبون إلى فرنسا…

تنويع الشراكات الإقليمية والدولية كانت عملية استباقية تعطي الجزائر أكثر قدرة على التفاوض

يرى الاتحاد الأوروبي أن فرض هذه القيود التجارية منذ عام 2021 يعني أن “الجزائر لا تحترم التزاماتها بتحرير التجارة بموجب اتفاق الشراكة بين الاتحاد والجزائر”. وفشلت كل المحاولات في إعادة الجزائريين إلى أفضل أحوالهم، لذا ومع تعقد الأزمة الاقتصادية والسياسية في أوروبا يحاول الاتحاد الأوروبي استعمال أسلوب التهديد الذي ألف اعتماده لقرون والذي يبدو انه يجد صعوبة في التخلص منه بعد فقدانه العديد من عوامل القوة منذ الأزمة المالية في 2008 وتشتت قدرته الردعية منذ أزمتي كورونا والحرب في أوكرانيا. وعمليا، لا نعرف ما الذي سيقوم به الأوروبيون لإرغام الجزائر – “ابتزاز”، عقوبات…؟ – ولكن إذا تم الإعلان عن هذا الأمر فهذا يعني أن الموقف أصبح لا يحتمل بالنسبة للأوروبيين.

و يبدو واضحا ان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لا ينوي التخلي عن مطلبه بضرورة إعادة النظر في الأتفاق خاصة و أنه يملك من الأوراق ما يمكنه من مواصلة شد الحبل مع الشريك الأوروبي و انه في كل الأحوال لن تخسر الجزائر أكثر مما خسرته بموجب الإتفاق قبل ان تنسج شراكات ثنائية و متعددة مع دول فاعلة عدة كالصين وروسيا و تركيا و قطر و الولايات المتحدة وكوريا الجنوبيةوالسعودية و جنوب افريقيا ونيجيريا وغيرهم. و هذا ما قد يفسر عدم تسرع تبون في الرد على التهديد المقنع الذي اصدرته دوئر القرار في الإتحاد الأوروبي.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي والجزائر وقعا اتفاق شراكة في عام 2002، ودخل حيز التنفيذ في عام 2005. ويحدد هذا الاتفاق إطار الشراكة بين الطرفين في جميع القطاعات، بما في ذلك التجارة. ويتضمن هذا الاتفاق آلية لتسوية المنازعات. وفي الواقع، لا يوجد سبيل آخر سوى الحوار وانتهجت عدة دول افريقية عدة مقاربة الجزائر فيما يخص عقود الشراكة الاقتصادية مع أوروبا التي كانت تبرمها مع كل دولة على حدي مستفردة في كل مرة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بكل دولة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى