فرنسا وحلفاءها يستعدون لمغادرة مالي.. الإنتكاسة
أنتكاسة بعد تسع سنوات من حرب زادت الإرهاب تمددا
يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الإربعاء لإعلان انسحاب فرنسا وشركائها من مالي، بضغط من حكومة باماكو المؤقتة بقيادة الرئيس أسيمي غويتا. انسحاب القوات الفرنسية من مالي الذي يتزامن مع إعلان استونيا و قريبا ألمانيا سحب قواتهما المشاركة من المنطقة يعتبر منعرجا تاريخي بالنسبة لمنطقة الساحل يؤكد أن أزوف الهيمنة الفرنسية على منطقة الساحل و افريقيا اضحى حتمية تاريخية لا طائل من مقاومتها, بالرغم أن الجدول الزمني لفك ارتباط فرنسا التدريجي بمنطقة الساحل لا يزال غير واضح.
كتبه | م. بوصوف
وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، كان قد أشار في وقت سابق لوكالة الإنباء الفرنسية إلى أن آلاف الجنود سيغادرون، مع إعلان رسمي متوقع الأربعاء 16 فبراير/شباط، بعد تصاعد الخلاف الدبلوماسي مع مستعمرته السابقة تبادل فيها الطرفان الإتهامات انتهت بطرد سلطات باماكو للسفير الفرنسي.
و من المنتظر أن يتم الإعلان عن قرار الإنسحاب بعد إجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع “رؤساء الدول الشريكة” في الإليزيه، الأربعاء، لبحث الوجود الفرنسي في منطقة الساحل، لا سيما في مال. في إطار مكافحة الإرهاب. حسب ما أعلنه الناطق باسم الحكومة غابريال أتال.
ويجتمع الرئيس الفرنسي اليوم الأربعاء مع “رؤساء دول المجموعة الإقتصادية لدول غرب افريقيا “إيواكس”، لبحث الوجود الفرنسي في منطقة الساحل، لا سيما في مالي.
هذا الإجتماع يجري على هامش قمة الاتحاد الأوروبي- الاتحاد الإفريقي، التي ستُعقد في بروكسل. الإتحاد الذي يضم بلدانا مشاركة في “مجموعة تاكوبا للوحدات الخاصة” بمبادرة فرنسية سنة 2020. و منذ فترة ابدت بعض هاته البلدان عدم نيتها مواصلة مشاركتها في العملية حيث كانت الدنمارك اولى الدول المبادرة لللإنسحاب و ستليها قريبا القوات الإستونية فيما لاترى ألمانيا و السويد جدوى من المكوث مطولا بعد تنامي الإصوات الإفريقية المنددة بالوجود الإوروبي و خاصة الفرنسي بالمنطقة بالنظر إلى الفشل الذريع في ايقاف تمدد الميليشيات الأرهابية و الجريمة المنظمة الدولية.
“من المستحيل الاستمرار في ظل هذه الظروف، جميع الحلفاء الآخرين يشاطرونني الرأي”.و علق كالي لانيت وزير الدفاع الإستوني لصحافة بلده. معلنا انه حان الإوان الانسحاب.
يأتي هذا الإعلان بعد ثلاثة أسابيع من إعلان الدنمارك سحب قواتها من مالي. في 24 يناير ، طلبت مالي من الدولة الإسكندنافية أن تسحب “فورًا” قواتها المنضوية تحت القيادة الفرنسية و التي انتشرت “دون موافقة باماكو” حسب تصريح الحكومة المؤقتة المالية.
أنتكاسة بعد تسع سنوات من حرب زادت الإرهاب تمددا
لا يختلف اثنان على أن قرار الإنسحاب من مالي كان منتظرا. حرب فرنسا على المجموعات الإرهابية و الذي فقدت فيه 53 جنديا أضف اليها الإمكانيات المالية الهائلة المسخره لها,لم تستطع احتواءها. بل منذ انطلاق العملية الأولى في رئاسة فرانسوا هولاند الى اليوم توسع نطاق نشاط الميليشيات المسلحة و الجريمة العالمية المنظمة ليطال دولا أخرى. نطاق الإرهاب أصبح يمتد من طبرق بليبيا إلى سواحل غينيا. كما أن الخسائر البشرية، لافتة أن أكثر من 8 ألاف شخص، معظمهم من المدنيين، قتلوا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ عام 2013 بالإضافة إلى ملايين من المهجرين عن قراهم.
و رغم توافق الكثير من المختصين الفرنسيين و الدوليين على عدم نجاعة الحلول العسكرية فيما تسميه باريس بالحرب “ضد الإسلاميين” فإن باريس مازالت على عادتها تصر على البقاء في دول الجوار رغم تنامي الأصوات المنددة بوجودها بالمنطقة علما أن انسحاب شركاءها الأوربيين الذي شكل غطاءا سياسيا يحول دون وضع فرنسا في الواجهة كقوة الاستعمارية قد أميط. هذا ما قد يفسر الغموض حول امكانية قدرة فرنشا من وضع جدول لوجودها, و كأنها مقاومه يائسة امام اقتراب فك الإرتباط التدريجي بمنطقة الساحل. فمن المنتظر أن تكون النيجر ملاذا للوجود الفرنسي من خلال قاعدة جوية.