كيف قدم ماكرون القضية الفلسطينية قربانا لصهاينة فرنسا تحسبا للرئاسيات المقبلة؟
أعلنت الحكومة الفرنسية، 10 مارس ، حلّ رابطة «فلسطين “ستنتصر” عبر مرسوم رسمي، بعد أن أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، في اليوم السابق، عبر “تويت|”، حلّ هذه الرابطة، وذلك بناءً على تعليمات من رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، تحت ذريعة ما أطلق عليه “الدعوة إلى الكراهية والعنف والتمييز”. الأمر لم ينتهي هنا! ماكرون قد يذهب بعيدا ان نال فوزه بعهدة ثانية فقد وعد صهاينة فرنسا ان السير على خطى الرئبس الأمريكي السابق دونالد ترامب و يعترف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل, بل و ربما نقل سفارة فرنسا من تل ابيب إلى القدس لاحقا
باريس | إلياس مرشيش
وصدر قرار الحلّ بضع ساعات قبل خطاب الحكومة الفرنسية أمام “المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية”، الذي يعتبر من أهم مزارات المترشحين الفرنسيين للرئاسة نظرا لقدرته التأثيرية على الساحة السياسية و الإعلامية في باريس,
و خلال كلمته أمام هذا المجلس استعرض ماكرون وابلاً من الإجراءات التي قام بها للقضاء على أفعال “معادية للسامية” و التي يشرحها خصومه على انها معاداة للصهيونية متهمين الألغارشية الفرنسية للتعمد خلط المفاهيم بين الدين و الأيديولوجية لخنق الجالية المسلمة و كل من يناهض سياسة الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين,
هذا التعريف قد تبناه الرئيس الفرنسي في حفل عشاء «المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية» منذ ثلاثة أعوام و والذي يشير إلى أن معاداة الصهيونية هي أحد الأشكال الجديدة لمعاداة السامية, لا يعتبر جديدا, إلا انه مع كل اقتراب لموعد الإنتخابات اين يتهافت بعض المترشحين للمنظمة ذات التاثير الكبير, , كسابقيه رضخ ماكرون مرة أخرى لمطالب الحركات المتطرفة الصهيونية المدافعة عن سياسة الإحتلال، هاته الحركات اتخذت في السنوات الأخيرة من المنظمات المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني و مقاطعة صادرات الكيان المنتجة على الأراضي المحتلة كهدف رئيسي بعد أن لقت رواجا كبيرا عبر العالم مكبدة خزينة الإحتلال الملايين من الدولارا
ففي الخطاب نفسه، وعد ماكرون بمواصلة تعقّب أي أعمال تدلّ على الكراهية، وبمعاقبة المذنبين، مُعلناً أنه قام بتشكيل فرق من المحققين المتخصصين في هذا الصدد على جميع الأراضي الفرنسية. علماً أنه في كلّ خطاب من هذا النوع، يتعهّد بملاحقة أيّ أعمال تدلّ على العداء السامي، و ماهو إلا وعد بملاحقة كلّ من يشارك في حملة مقاطعة إسرائيل “BDS“.
وعليه، يمكننا التساءل هل أن فرنسا قد تكون ذاهبة، على خُطى أميركا، نحو الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، بل وربما نقل السفارة الفرنسية إليها لاحقاً؟ فقد عرف عن سياسييها الغلو و التمادي في حالات اتخاذها اجراءات تتنافى مع مبادئ الإنسانية التي تتغنى بها دائما.
كما يبدو أن سياسات الرئيس الفرنسي المؤيدة “لإسرائيل” تثير استغراب البعض حتى في يمين الوسط. وذكر المتتبعون بموقف رئيس لوزراء السابق ووزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان الذي انتقد غزو “إسرائيل” المستمر لقطاع غزة ولوحشية ضد حقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين، وكتب حينها “ندين إسرائيل، تتحول إلى نظام تمييزي عسكري ودولة استبدادية”.
و كما يراه يلاحظ الكاتب آسا وينستانلي في مقالة على MEM, لفإن موقف ماكرون المناهض للفلسطينيين هو على شيء من التناقض مع الإدارات الفرنسية السابقة. ومن موقف كان مختلفا تماما إلى حين، في عام 2004 عندما ذهب دوفيلبان للقاء عرفات المحاصر ورفض لقاء شارون، مجرم الحرب..
ومع ذلك فإن ماكرون ليس فريدا في تاريخ السياسة الفرنسية التي شكلت واحدة من الإمبراطوريات الأكثر وحشية في العالم، وربما في المرتبة الثانية بعد الإمبراطورية البريطانية في القسوة تجاه الشعوب الأصلية.
وخلال الخمسينيات والستينيات، كانت سياسة الحكومة الفرنسية تدعم “إسرائيل” بدرجة كبيرة و كلا النظامين كان لهما أعداء إقليميين مشتركين، ليس أقلهم الزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي كان يدعم الثورة الجزائرية, حيث تآمرت فرنسا وبريطانيا مع “إسرائيل” في هندسة غزو مصر في عام 1956، في ما يسمى أزمة السويس.