للإعلان
الجزائر

السد الأخضر: من بومدين إلى تبون، إلى أي مدى تحقق أكبر ‘حلم’ بيئي للجزائر؟

يعد مشروع إعادة بعث السد الأخضر من أضخم المشاريع البيئية على المستوى القاري, أضافت إليه السلطات الجزائريةأبعادا أخرى اقتصادية واجتماعية وفق تنظيم تقني وقانوني منسجم يراعي التحديات العصرية للتنمية. هذه تفاصيل عن تطور الأشغال به.

Mf

مغرب فاكت | وأج


الجزائر | وكان لنشأته بداية السبعينيات أبعاد بيئية بالدرجة الأولى، تمثلت في مكافحة ظاهرة زحف الرمال نحو الشمال، وهو الجزء من الأراضي الزراعية والمناطق الرعوية. وبعد أن حقق المشروع نتائج إيجابية تمثلت في بناء حائط طبيعي لوقف زحف الرمال، إلا أن الظروف التي مرت بها الجزائر في التسعينيات جعلت المشروع يتعثر في هذه الفترة.

غير أن التغيرات المناخية التي طرأت على العالم في الألفية الثانية، نتيجة الاحتباس الحراري وما نتج عنه من مشاكل بيئية كشح المياه واندلاع الحرائق، أتت على أجزاء كبيرة من الغطاء النباتي الذي يعد المصدر الأساسي لمعيشة الإنسان في العديد من الدول، وهو نفس الوضع الذي عاشته الجزائر مؤخرا بعد حرائق الغابات التي حدثت في صيف 2021 في 21 ولاية, لذلك كان من نتائج هذه المعضلة المناخية بالنسبة للدولة الجزائرية بعث مشروع السد الأخضر لمعالجة مشكلة التصحر في بعدها البيئي بالدرجة الأولى، ولكن لتحقيق أبعاد أخرى اقتصادية واجتماعية وفق تنظيم قانوني منسجم يراعي المتطلبات العصرية للتنمية.

وبالإضافة الى توسيع الغطاء الغابي الى 7ر4 مليون هكتار من خلال تشجير 400 الف هكتار بحلول سنة 2027, يجسد المشروع نموذجا للتنمية المستدامة التي تجمع بين حماية البيئة وتحسين ظروف معيشة الساكنة المحلية.

ومنذ اعطاء اشارة إطلاق المرحلة الأولى والتي أشرف عليها الرئيس تبون يوم 29 أكتوبر 2023 من منطقة المعلبة بولاية الجلفة, يعرف مشروع السد الاخضر تقدما وتطورا على عدة مستويات فيما ينتظر اطلاق منصته الرقمية سنة 2025.

وأكدت المديرة الفرعية للسد لاخضر والمناطق السهبية والصحراوية بالمديرية العامة للغابات, رتيبة عربادي لوكالة الأنباء الحكومية (APS)، أن النظرة الجديدة للسد الاخضر, لا تقتصر على التشجير ولكن تمر أساسا عبر إدماج الأصناف المتكيفة مع طبيعة الأراضي والظروف المناخية المتغيرة مع تفضيل الاستغلال المستدام للموارد الغابية في اطار التشاور مع السكان المحليين.

في هذا الاطار, أكدت السيدة عربادي ان مخطط العمل الخاص بالتشجير سنة 2023 مس 18 ألف هكتار فيما تم توجيه برسم سنة 2024 مساحة قوامها 11 ألف هكتار سيتم غرسها, مشيرة أيضا إلى تخصيص ميزانية قدرها 75 مليون دج للفترة 2023-2030 للعمليات المسجلة.

وأوضحت في ذات الخصوص بالقول “نسعى في اطار مخطط العمل متعدد المؤسسات لغرس اصناف اقتصادية ومقاومة للجفاف وذات النمو السريع على غرار شجر الخروب والزيتون والفستق”.

واضافت بأن الرؤية الجديدة المتعلقة بالسد الاخضر تدمج ايضا الشباب في اطار مختلف العمليات ذات الصلة بهذا المشروع الضخم من خلال صفقات مخصصة للغرس والصيانة ومتابعة المساحات المعاد تشجيرها, علاوة على الصفقات الملحقة لفتح المسالك الغابية وكذا حشد الموارد المائية.

وأشارت السيدة عربادي الى انه في خنشلة الواقعة بين الصحراء الشرقية والشمال القسنطيني، والتي تعد واحدة من الولايات ال13 المعنية بمشروع السد الاخضر, جرى ادخال فكرة جديدة لغرس شريط مساحته 909 هكتار من الزيتون على حواف واد العرب وهي منطقة تتميز بنشاط فلاحي هام في اطار مشروع تم اسناده للشباب الناشط في الفلاحة من اجل الصيانة والاستغلال وهذا بهدف تعزيز النشاط الاساسي لهذه المنطقة بما يسهم في استحداث مناصب شغل.

نتائج اكثر من مرضية في مجال تثبيت الكثبان

أما فيما يخص العمليات التي تم تجسيدها لتعزيز السكان أمام التغيرات المناخية والتصحر في المناطق الرعوية, أفادت السيدة عربادي بان أولى العمليات الرامية لتثبيت الكثبان من خلال إعادة بعث الغطاء النباتي في منطقة المصران بولاية الجلفة أعطت “نتائج جد ايجابية”.

وقالت ان “منطقة المصران تعد احدى المناطق التي أرغم سكانها على مغادرتها بفعل العواصف الرملية وان النتيجة الملموسة في مجال الوقاية من زحف الرمال وإعادة الاعتبار للنظام البيئي لأولى مشاريع تثبيت الكثبان في المنطقة أعطت الامل للسكان المحليين الذين يبدون التزاما بالمحافظة على هذا المكسب”, لافتة الى أن البرنامج الخاص بتثبيت الكثبان داخل وعلى اطراف السد الاخضر قد تم الانتهاء من اعداده بالنسبة للولايات السهبية الشبه صحراوية كالمسيلة والنعامة والبيض والأغواط.

وبالموازاة مع ذلك, تم في المناطق الرعوية تسييج مساحات وهذا من اجل تعزيز التربة وحماية النباتات الموجودة في طور النمو وتمس هذه التقنية في الوقت الحالي 200 هكتار في باتنة بالشرق الجزائري و6000 هكتار في الاغواط.

رقمنة مشروع تأهيل السد الاخضر.

وأكدت المسؤولة أن “المنصة الرقمية تعرف نسبة تقدم ب 70 بالمائة حاليا لتدخل حيز التشغيل خلال سنة 2025 على اقصى تقدير”, مضيفة أن المنصة ستسمح ب “المتابعة الآنية والدائمة لمراحل إنجاز البرامج بالإضافة الى مراقبة وتقييم العمليات المنجزة.

ويهدف مشروع بعث السد اللأخضر إلى توسيع مساحته من 7ر3 مليون هكتار الى 7ر4 مليون هكتار عبر 13 ولاية و183 بلدية و1200 من شرق إلى غرب البلاد.

ويضم السد الاخضر 63 بالمائة كمجال رعوي بمساحة تقدر ب 33ر2 مليون هكتار, مكونة من الحلفاء والاصناف العلفية, 18 بالمائة مساحات غابية منها أزيد من 600 ألف هكتار و16 بالمائة مساحات فلاحية ما يمثل أزيد من 500 الف هكتار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى