للإعلان
تونسمغرب عربي

ما قام به قيس سعيد انقلاب أم معركة كسر العظام ضد المنظمة العالمية للإخوان المسلمين؟

 بينما يندد البعض بما أسموه “انقلابا” يصر الكثير إنه في حالة ما استطاع الرئيس التونسي استكمال مسار التصحيح الثوري بجمح سيطرة الإخوان على السلطة طيلة عشر سنوات أفلست البلاد ورهنت سيادتها، يكون رفقة مؤسسة الجيش التونسي التي بقيت دوما مغيبة عن ساحة تدور فيها رحى حرب من نوع جديد، قد دفن نهائيا مشروع ما يسمى “الربيع العربي” الذي خططت له قوى أخرى لتفكيك جمهوريات الوطن العربي وشمال أفريقيا، استعملت فيها منظمة الإخوان العالمية كأداة


يقلم: باية. مبرك و أ. زكريا

في يوم حافل بانتفاضات شعبية انتفض فيها التونسيون ضد حكم الإخوان أين تعرضت مقرات الحزب الحاكم تحت إمرة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قام الرئيس التونسي قيس السعيد بتجميد عمل البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة المشيشي ورفع الحصانة على برلماني الأغلبية المتهمين بالفساد. محول بذلك قيس السعيد جميع الصلاحيات إليه.  

مباشرة بعدها طوق الجيش التونسي مبنى البرلمان في باردو ومقر التلفزيون العمومي. ليلة ما أسماه كثير من التونسيين “بالتصحيح الثوري كانت من أطول الليالي. كتم العالم أنفاسه بينما خرج التونسيون للاحتفال بهذا القرار الذي ما انفكوا المطالبة به منذ أشهر احتجاجا على انحرافات النهضة وحلفاءها.

مباشرة بعدها طوق الجيش التونسي مبنى البرلمان في باردو ومقر التلفزيون العمومي. ليلة ما أسماه كثير من التونسيين “بالتصحيح الثوري كانت من أطول الليالي. كتم العالم أنفاسه بينما خرج التونسيون للاحتفال بهذا القرار الذي ما انفكوا المطالبة به منذ أشهر احتجاجا على انحرافات النهضة وحلفاءها.

 ما قام به الرئيس التونسي هو ثمرة أزمة سياسية عميقة دارت رحاها لأشهر. بينه وبين حركة النهضة التابعة للمنظمة العالمية للإخوان المسلمين المسيطرة على البرلمان، أزمة شلت أجهزة الدولة وكادت أن تؤدي الى انهيارها تحت عبئ فيروس اسمه كورونا الذي أتى كالقطرة التي أفاضت الكأس، حيث اتهم رئيس الجمهورية التونسية حركة النهضة في شخص رئيسها راشد الغنوشي الذي يعتلي منبر البرلمان ورئيس الحكومة الذي يعمل تحت غطائه بالتلاعب بالأزمة الصحية للبلد قصد إضعاف شرعية مؤسسة الرئاسة. قرار رئيس البرلمان بمناقشة قانون يعوض بموجبه منتسبو النهضة عن” التجاوزات التي تعرضوا لها إبان حكم زين العابدين بن علي” في الوقت الذي أنهك كورونا أسس المنظومة الصحية للبلاد مما أثار حفيظة التونسيين الذين خرجوا بالآلاف في جميع المدن لمهاجمة مقرات الحركة والمطالبة برحيل الغنوشي. شاءت الأقدار أن تتزامن الانتفاضة مع ذكرى مقتل الشهيد محمد البراهمي والذي تتهم حركة النهضة بتدبير عملية اغتياله وتعطيل التحقيق في ظروف قتله غدرا.

رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا طارئا للقيادات العسكرية و الأمنية

وكان قيس السعيد قد وعد بمحاسبة المجرمين والفاسدين في أكثر من مناسبة، إلى درجة أنه اتهم بكثرة الكلام وقلة الفعل. إلا أن قراره بتجميد كل اختصاصات المجلس النيابي ورفع الحصانة عن كل أعضاءه سيمكنه من “مساءلة جميع النواب من خلال النيابة العامة”. هذا ما أكده الباحث التونسي رياض صيداوي رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية- بسويسرا على صفحته 

     “قيس سعيد يتلقى يوميا تقارير أمنية من المخابرات العسكرية والمدنية وسبق وأن حذر من أنه سيكشف ملفات          فساد عديدة، الآن ما كان سري جدا سيبدأ في الظهور إلى العلن.. فانتظروا فتح ملفات الخيانة والفساد والجوسسة وسقوط رؤوس كبيرة”.

ماهي تداعيات معركة كسر العظام القائمة بين أجنحة السلطة, الرئيس قيس سعيد من جهة، والإخوان من جهة أخرى؟

في ظل نظام برلماني أن ينفرد رجل واحد بزمام السلطات الثلاث وجميع صلاحياتها أمر في غاية الخطورة، حتى ولو كانت الفترة معلومة قانونا.. في هذا الصدد عبرت الكاتبة والنائبة السابقة في المجلس الانتقالي ما بعد الثورة سلمى مبروك عن هذا بقولها :“نحن خارج الدستور منذ 2014، وتحت استبداد سلطة برلمانية منذ انتخابات 2019، مع اغتصاب للسلطة على مدى أشهر من قبل “فريق عمل” في البرلمان الذي يقرر كل شيء ويشتري كل “النوايا الحسنة”. ولكن تم إعطاء للتونسيين بجرعات صغيرة خلقت عادة غير دستورية وغير قانونية” وختمت مضيفة أن ” الوضع اليوم يجد فيه رئيس الجمهورية مبرراته الكاملة على المستوى السياسي من خلال وقف البرلمان والحكومة اللذان ما فتئا يدفعان البلاد نحو الإفلاس وفقدان سيادة، لكن هذا الإجراء يجد صعوبة في إيجاد أساس دستوري واضح، تاركًا المجال مفتوحًا للمجهول

فيما أكدت أحزاب أخرى أن النهضة هي من أوصلت البلاد للانسداد، والرئيس كان يجب عليه أن يحل البرلمان السنة الماضية ولم يفعل، ليمنح فرصة للتوافق إلا أنهم أصروا على مناوراتهم، بحجة أنه لا يجب أن يرتهن مستقبل بلد في يد حزب أصبح منبوذ من انتخبوه. وتحوم حوله شبه العمالة للخارج والفضائح المالية..


بالمقابل، كان رد حزب النهضة على إجراءات المتخذة من طرف قيس سعيد اصطلاح مفهوم ثوري، سموه ” بالانقلاب” مؤكدين أنهم يسخرون كل قواهم من أجل إفشال أي عملية من شأنها كسر عمود الديمقراطية والتعددية.

استكمالا لسياسات الرفض عبرت كتلة قلب تونس وحليفة النهضة في البرلمان عن رفضها الشديد لقرارات الرئيس، معتبرة ما حدث خرق جسيم للدستور. من أجل إفشال أي عملية من شأنها “كسر عمود الديمقراطية والتعددية”.

استكمالا لسياسات الرفض عبرت كتلة قلب تونس وحليفة النهضة ا في البرلمان عن رفضها الشديد لقرارات الرئيس، معتبرة ما حدث خرق جسيم للدستور

جاء هذا القرار في فترة جد حرجة، وما تشهده المنظمة الصحية من تدهور حاد في المقابل تفا قم انتشار الفيروس التاجي covid 19 ، وبالرغم من الإعانات التي تلقتها الدولة التونسية، وتعهد رئيس الحكومة الحالية بضمان علاج للتونسيين لم يتم العمل به وراح ضحية التقصير الحكومي وعدم ضبط الأولويات للتصدي لداء كورونا    10000من المواطنين التونسيين. بالإضافة إلى التراخي في تعميم اللقاح ووجود ضبابية في السياسة الصحية، وهو خرق واضح للفصل 38 من المادة 80 من الدستور ومؤشر مؤسس للحالة الاستثنائية الذي ينص على حق كل مواطن في ضمان صحته برعاية حكومته.

ما زاد الطين بلة أنه حسب التقارير تأكد أن “أيادي نافذة تعمدت خلق الاكتظاظ أمام مراكز التلقيح لتكثيف انتظار الفيروس”. وهذا اعتبره قيس السعيد إرهابا ودفعه إلى تسليم زمام تسيير حالة الطوارئ الصحية لمؤسسة الجيش.


ومن غير الطبيعي ألا تكون هناك أيادي للقوى إقليمية ودولية في الأزمة التونسية، فبينما تصف قطر والصحف التركية للإسلامين ما حدث بالانقلاب وثورة مضادة يديرها جهات خارجية، يلاحظ أن القنوات التابعة للإمارات وأنصارها من المناهضين أيضا لحكم الإخوان يرحبون بالخطوة طالما ستؤدي إلى تقليص سلطة الإخوان على الساحة التونسية.

أما على الصعيد الدولي يلاحظ أن المجتمع الدولي قلق بأن تتحول تونس إلى اليمن أو ليبيا سوريا أخرى – نظرا للإمكانيات الهائلة التي بنتها حركة الغنوشي خلال عقد من الزمن، فقد تبدأ بمظاهرات واعتصام أمام البرلمان تحاول الأجنحة الأكثر تطرفا إشعال فتيل العنف المستفز ضد قوات الجيش المراطة أمام مباني مؤسسات الدولة.

Land Cruiser اعتصام راشد الغنوشي داخل سيارة من نوع

لعل المظاهرات التي قامت بها حركة النهضة الساعات الماضية تشبه إلى حد كبير التحركات التي قامت بها جماعة الإخوان في مصر، ونهايتها سكون شبيهة بنهاية الجماعة في مصر، خاصة وأنهم يؤمنون بفكرة العنف من أجل الوجود وهو ما ظهر في دعوات الخروج إلى للشارع

فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التعليق على منوال ما حدث مع مصر سارعت تركيا الحليف الرئيسي لحركة النهضة الإخوانية، بالتنديد الشديد اللهجة عن طريق الناطق الرسمي باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيث استنكر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الإثنين، ما وصفه “بتعليق العملية الديمقراطية في تونس  وقال قالن في تغريده نشرها على موقع تويتر “نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس الصديقة والشقيقة”، وأضاف: “ندين المحاولات الفاقدة للشرعية الدستورية والدعم الشعبي، ونثق بأن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذا المسار

الجارة الجزائر لم تعلق على الأحداث. بيان من رئاسة الجمهورية الجزائرية أكد ان الرئيس عبد المجيد تبون تلقى مكالمة هاتفية من أخيه السيد قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية، “تبادلا فيها مستجدات الأوضاع في الشقيقة تونس، كما تطرق الرئيسان إلى آفاق العلاقات الجزائرية التونسية وسبل تعزيزها”.

لكن بينما يندد البعض بما أسموه “انقلابا” يصر الكثير إن في حالة ما استطاع الرئيس التونسي استكمال مسار التصحيح الثوري بجمح سيطرة الإخوان على السلطة في تونس طيلة عشر سنوات أفلست البلاد ورهنت سيادتها يكون رفقة مؤسسة الجيش التونسي الذي بقيت دوما مغيبة عن ساحة تدور فيها رحى حرب من نوع جديد، قد دفن نهائيا مشروع ما يسمى الربيع العربي الذي خططت له قوى أخرى لتفكيك جمهوريات الوطن العربي وشمال أفريقيا، استعملت فيها منظمة الإخوان العالمية كأداة

:اقرأ أيضا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى