للإعلان
جيوسياسياتعربي

من يربح الحرب الثالثة بين إسرائيل و المقاومة اللبنانية؟

الأستاذ مصطفى السعيد

من الممكن ان تكون إسرائيل أعدت فخا ل المقاومة اللبنانية لتشن عملية عسكرية تشعل فتيل الحرب مثلما حدث في عام 2006، فالقلق الإسرائيلي يتنامي من قوة المحور الممتد لأول مرة من طهران إلى بيروت مرورا بكل من بغداد ودمشق، بعد أن فتح الجيش السوري الحدود في معركة البوكمال مع داعش، والتقى قوات الحشد الشعبي على الجهة المقابلة في القائم العراقية، وهو أكبر تغيير جيوستراتيجي في المنطقة، بفتح التواصل البري بين دول المحور.

إسرائيل تأخرت كثيرا إذا كانت قد أعدت لشن الحرب، فقد اعتقدت أن داعش والنصرة والإخوان ومن خلفهم تركيا والسعودية وقطر والإمارات سيدمرون سوريا والعراق تماما وسيتم سحق المقاومة اللبنانية بعد سقوط سوريا، ثم إعلان حرب حتى الموت مع إيران على نيران الفتنة المذهبية. وعندما فشلت حرب داعش والنصرة والإخوان في القضاء على الخطر الذي يهدد إسرائيل، إنتظر نتنياهو أن تتمكن الولايات المتحدة مع الأكراد الطامعين في تقسيم سوريا لقطع الحدود السرية العراقية، بعد أن اندفعت جنوبا حتى دير الزور، مع هجمات متزامنة انطلقت من القاعدة العسكرية الأمريكية في التنف، قرب الحدود الأردنية العراقية السورية، وعندما فشلت الهجمات في قطع الحدود، بدأت إسرائيل تخطط لحرب واسعة، توقف هذا الخطر المتزايد على وجودها.

كان الرئيس الأمريكي أوباما قد وقع في نفس الوهم باعتقاد أن داعش والنصرة والإخوان سيتولون المهمة، ولا داعي لتلويث الأيدي الأمريكية والإسرائيلية، وتجنب أي خسائر يمكن أن تدفعها، لكن الوهم استمر بطريقة أخرى عندما اعتقدت إدارة ترامب أن إلغاء الإتفاق النووي وتشديد الحصار الإقتصادي سوف يؤدي لسقوط مركز الخطر في طهران، وأن الإنهيار الإقتصادي سيدفع الجماهير الإيرانية إلى الثورة على النظام وإسقاطه بمساعدة أمريكية وغربية، لكن كل ذلط لم يحدث، أما صفقة القرن التي جرى التعويل عليها في إنهاء جوهر الصراع وهو القضية الفلسطينية فلم يكن سوى سراب، وانفجرت بالونات صفقة القرن في أول ظهور علني لها في المنامة.

سعت الولايات المتحدة إلى إبطاء الإنتصار السوري على الجماعات الإرهابية، وفتح جبهة في شرق الفرات، لكي تظل قوات المحور الإيراني السوري العراقي اللبناني منشغلة بالحرب مع تلك الجماعات بعيدا عن إسرائيل، وتمنح المزيد من الوقت لخطة بديلة، وبالفعل كانت قوات محور المقاومة موزعة من حلب إلى حمص وحماة حتى ريف اللاذقية لتطويق الإرهابيين المتجمعين في إدلب، بالإضافة إلى إحاطة شرق الفرات، ولهذا لا يفضل المقاومة اللبنانية الدخول في حرب مع إسرائيل في هذا التوقيت، لكن إسرائيل كانت تدرك أن الوقت ليس في صالحها، وكانت تحرض على شن الحرب بأسرع ما يمكن، لهذا كان يطل #السيد  ليحذر إسرائيل من شن حرب، ويشير إلى مواطن ضعف جبهتها الداخلية، وحاويات الكيماويات في حيفا، والصواريخ الدقيقة القادة على ضرب أي هدف في تل أبيب بل في  في حيفا، والصواريخ الدقيقة القادة على ضرب أي هدف في تل أبيب بل في ايلات، وفهم قادة إسرائيل أن هذه التهديدات رغم جديتها فهي تعني أن المقاومة اللبنانية لا يريد حربا الآن،  ولا يجب إنتظار الوقت المناسب للمقاومة اللبنانية، لهذا كثفت ضرباتها على المجموعات المقاتلة للمقاومة اللبنانية في سوريا، ولن تستطيع سوريا الرد لأن جيشها مشغول في إدلب والبادية وشرق الفرات، ولا يمكن ان يشن حربا على إسرائيل في هذا التوقيت أيضا، كما لا يمكن للمقاومة اللبنانية أن يبدأ حربا من لبنان ردا على ضربة له في سوريا، لكن الصدفة تلعب دورها في الدرامي، فبعدما شنت الطائرات الاسرائيلية موقعا للمقاومة اللبنانية في سوريا وأوقعت شهيدين، تعطلت طائرة مسيرة فوق الضاحية الجنوبية لبيروت حيث مركز المقاومة اللبنانية، فأرسلت طائرة أخرى لتدميرها، حتى لا تقع المعلومات ومكونات الطائرة في أيدي الحزب، فلم تنجح الطائرة الثانية فجرى تفجيرها ذاتيا، لتلحق أذى ببعض المباني، لكنها تكفي لتكون ذريعة قوية لتثأر المقاومة اللبنانية لشهدائها.

فلم يكن استهداف اسرائيل لعناصر المقاومة اللبنانية في سوريا الاول من نوعه، بل كاد يصبح نشاطا روتينيا، فمن الذي نصب الفخ لمن، هل استدرجت المقاومة اللبنانية إسرائيل، وأوهمتها أنها لا تريد الحرب، وغير جاهزه لها لأنها مشغولة بمطاردة الجماعات الإرهابية في سوريا، بينما كان الحزب يستعد لحرب الجليل؟ أم أن إسرائيل وجدت أن الحرب لا مفر منها، ويمكن أن تستفيد من إدارة ترامب وبعض عرب الخليج المتحمسين للدفاع عن إسرائيل بكل طاقتهم لتحقق نصرا تحتاجه بشدة، ويوقف تنامي محور المقومة المنتشي بانتصاراته في سوريا والعراق واليمن.

كل طرف له دوافعه القوية للحرب، وكل طرف يخشى ألا يحقق النصر المطلوب، لكن الفارق هو أن إسرائيل لا تحتمل هزيمة واحدة أو حرب على الأراضي المحتلة، لمشكلة جغرافية تتعلق بعدم وجود عمق استراتيجي، وتكدس سكان إسرائيل في شريط ضيق جدا، يمكن ان تضرم الصواريخ فيه النار، بالإضافة إلى أن سكان إسرائيل ليس لديهم الإستعداد للتضحية بحياتهم، سواء من أجل إسرائيل أو من أجل رب إسرائيل

(نهاية الجزء الأول)

#الراية_العربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى