اسرائيل تنسحب: هل تهاجم لبنان؟
كيف يُمكن أن نفهم هذا الانسحاب وتهديد لبنان على أثره، وهل فعلاً ستتم مهاجمة لبنان؟
بيروت | ليلى نقولا
أعلن الجيش الاسرائيلي فجأة، سحب قواته البرية من جنوب قطاع غزة معلناً انتهاء عملياته هناك، تاركا قوة أصغر لمواصلة العمليات في القطاع بأكمله. مع العلم أن نتنياهو أعلن انتصاراً بعيد اعلان انتهاء العمليات في خان يونس، التي يستمر إطلاق الصواريخ منها والتي تعرض فيها “الجيش الاسرائيلي” لعمليات أودت بحياة العديد من عناصره بين قتيل وجريح.
وتتباين تصريحات الاسرائيليين حول السبب وراء هذا الانسحاب، فبعضهم يقول انه استعداد لعملية في رفح، وآخرون يشيرون الى تحضير لهجوم على لبنان، بينما نقلت صحيفة “هآرتس” عن ضباط كبار أملهم بأن يؤدي هذا الانسحاب من جنوب القطاع إلى خروج المسلحين من مخابئه، وحتى لو كان الثمن إطلاق صواريخ، أما بحسب ما عبّر مسؤولون أميركيون فإنه بسبب حالة الارهاق التي يعاني منها الجنود.
ينسحب الجيش الاسرائيلي من خان يونس بعد 4 أشهر من عملية برية قال سابقاً أنها تحتاج الى شهرين، مع العلم أنها لم تؤدِ الى انتصار عسكري، اذ لم تنهِ حماس والمقاومة الفلسطينية في خان يونس، ولم تتخلص من الانفاق بدليل العمليات الاخيرة التي استمرت لغاية اليوم الاخير قبل الانسحاب.
كيف يُمكن أن نفهم هذا الانسحاب وتهديد لبنان على أثره، وهل فعلاً ستتم مهاجمة لبنان؟
وعليه، إذا كانت خان يونس، البقعة الصغيرة جغرافياً والمحاصرة لم يستطع الجيش الاسرائيلي أن ينهي المقاومة فيها ب 4 أشهر، فإن حرباً على لبنان ستأخذ سنوات طوال، ولن تحقق شيئاً وسوف تؤدي الى عملية استنزاف كبيرة للجيش والمجتمع والاقتصاد الاسرائيلي ككل. مع العلم أن قدرات ح ز ب الله البشرية والصاروخية والعسكرية أكبر بكثير، ولديه عمق استراتيجي تفتقر له المقاومة في فلسطين.
يوماً بعد يوم، يكشف الوهن داخل “إسرائيل” حيث هناك انقسام سياسي داخل “الكابينت” الاسرائيلي نفسه، وانقسام بين المستوى العسكري والسياسي، وانقسام بين اليمين وباقي الاطراف السياسية، وبينهم وبين الجيش، إذا يقوم اليمين الاسرائيلي بانتقاد انسحاب الجيش من غزة، معتبراً أن على الجيش ان يبقى في غزة لإعادة المستوطنات واعادة احتلال القطاع وتهجير سكانه.
هذا مع العلم أن اليمين الاسرائيلي، الاحزاب الدينية التي تستند قاعدتها الشعبية على “الحريديم”، يتهربون من الخدمة العسكرية بحجة دراسة التوراة، ويتظاهرون الآن رفضاً للخدمة العسكرية الاجبارية، ويهددون بالرحيل في حال فرض القانون عليهم الدخول في الجيش.
ويقوم الاسرائيلي بتهديد لبنان والادعاء انه انتقل من الدفاع الى الهجوم، مع العلم أن الكلفة البشرية والعسكرية والمادية التي تكبدتها “إسرائيل” في “الحرب المحدودة” مع لبنان كبيرة باعتراف الصحافة والمحللين الاسرائيليين، فكيف يمكن أن يتحمل الاقتصاد الاسرائيلي والمجتمع الاسرائيلي سقوط آلاف الصواريخ على كافة أنحاء فلسطين المحتلة في حال الحرب المفتوحة، وكم هي أعداد الاسرائيليين الذين سيقررون الهجرة بلا عودة؟
وفي النتيجة، يجب الاخذ بعين الاعتبار الكلفة والمردود لعملية كهذه ضد لبنان، ومدى القدرة على التنبؤ أو ضمان النتائج. الاكيد ان الكلفة ستكون هائلة على الكيان، والنتائج غير مضمونة، ولا يمكن التنبؤ بمدى قدرة الاسرائيلي على جني مردود من تلك العملية في لبنان، لذا من المرجح ان لا يكون هناك مغامرة اسرائيلية على لبنان، لا تحظى بدعم أميركي ولا يريدها الجيش الاسرائيلي بالرغم من التصريحات و”البهورة” السياسية.