للإعلان
الجزائرعربي

سباق ريادة مع الجزائر أم تحايل على ضغوط واشنطن؟ بن سلمان يحول القمة العربية إلى منصة لزيلنسكي

ثلاثة أحداث أقل ما يمكن وصفها بالمفاجئة والغريبة طغت على القمة العربية الثالثة والثلاثين المنعقدة منذ يومين في جدة عودة سوريا للجامعة بعد 12 عشر سنة من الغياب ثم غياب الملحوظ للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وأخيرا والأكثر إثارة للجدل، القرار المنفرد وموازي للموقف العربي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتسليم منبر القمة العربية للرئيس الأكراني زيلنسكي بزيه العسكري والذي راح بكل جرأة يلقي اللوم على الرؤساء العرب لانتهاجهم سياسة الحياد تجاه الحرب في أكرانيا، باستثناء البلدان المطبعة.

بقلم | أحمد زكريا


 الكل يتساءل الدافع الفعلي لولي العهد السعودي إقدامه على هاته الخطوة التي اختطفت الأضواء وعناوين الإعلام على حساب المكتسبات التي احرزتها القمة العربية بالجزائر والتي كان لها الدور الأكبر في عودة سوريا ولم شتات العرب حول القضايا ا بالمصيرية على رأسها فلسطين والأمن القومي المشترك رغم التعتيم الإعلامي الممنهج.

فبدلا ان تفتح عناوين الصحف والتلفزيونات العالمية نشراتها حول فشل مشروع التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة في انهيار الدولة السورية أو حول خريطة الطريق التي رسمها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لرسم معالم قطب عربي جديد في خضم التحولات الجيوسياسية العالمية سارعت وسائل الإعلام الدولية خاصة منها الغربية بنشر خبر الاختراق فلودومير زيلنسكي “الناجح” للمجموعة العربية الغارقة في أوحال حروب تنخر قواها، وانتزاعه المنصة بخطاب كان الأطول على الإطلاق من بين خطابات كل الوفود.

كلمة زيلنسكي جدة كانت محل انتقاد الكثيرين لتمييعه خطاب الرئيس الجزائري بصفته الرئيس المنتهية عهدته على رأس الجامعة. الخطاب الذي قرأه رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمان أجمع المشاركون أنه بمثابة ورقة طريق حقيقية لمجابهة التغيرات الجيوسياسية التي ترسم خريطة عالمية جديدة تقتضي حتمية التكتل في أقطاب تأثير إقليمية ثقافية واقتصادية وسياسية نظرا للتهديد الوجودي الذي تحركه محاولات الاستقطاب الممنهجة التي تمارسها القوى العظمى.

فبالرغم من النجاح الكبير في خلق شبه اجماع حول القضية الفلسطينية وعودة سوريا وتناقص الهرولة نحو التطبيع، إلا أن الطريق لا زال طويلا أمام تشكل قطب اقتصادي وسياسي عربي أو سياسة دفاع مشتركين التي لوح بها عبد المجيد تبون عدة مرات، خاصة بعد الاتفاق الإيراني السعودي الذي رأى فيه تبون فرصة لإعادة رسم التحالفات العربية بعد أن لم يعد للكيان الصهيوني فرصة للاستثمار فيه. فلا زالت هناك عقبات كثيرة تغذيها التهديدات الأمنية على مصر وليبيا والجزائر جراء الصراع المسلح في السودان والملف الليبي واليمني واللبناني وكذا جائحة التطبيع وكل هاته القضايا مخترقة من القوى الإقليمية والدولية.

ويبدو أن الرئيس الجزائري أراد التعبير عن امتعاضه من استدعاء زيلنسكي من طرف الأمير الشاب دون مشاورة الأطراف الأخرى وهي خطوة لا ترقى إلى مستوى القرارات الكبيرة التي اتخذتها المملكة السعودية خاصة بعدم انصياعها لإملاءات الغرب حول سوق البترول أو قرارها التعامل باليوان الصيني في إطار تبادلاتها مع بيكين أو إعلان عزم المملكة السعودية الانضمام إلى مجموعة بركس.

وراح محللون سياسيون آخرون إلى القول إنه لو استضافت القمة العربية الرئيسين الإيراني والتركي لكانت النتائج أكثر إيجابية و لكانت تطورا طبيعيا لمسارات التقارب التي تشهدها المنطقة. فما الذي كان زيلنسكي يتوقع من هذه القمة بعد تصريحه من الكنيست الإسرائيلي أن أوكرانيا تواجه نفس التهديد الذي يتربص بإسرائيل؟  ألم تصوت أوكرانيا لصالح إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد كل القرارات الخاصة بالنزاع الفلسطيني الاسرائيلي؟

 وهل كان يتوقع من العرب باستثناء البلدان المطبعة ان تدعمه بالمال والسلاح وأن تتبني موقفه ضد روسيا حتى يتحقق له السلام الذي ينشده معها بشروطه؟ وما يثير الاستغراب أيضا هو أن قمة جدة تزامنت مع قمة دول السبع بقيادة جو بايدن بهيروشيما، منذرة بحرب شاملة وشيكة بعد التهديدات الصريحة ضد الصين وروسيا من طرف الولايات المتحدو و حلفاءها.

قد تكشف الأيام القادمة عن الأسباب التي دعت السعودية لأن تفعل ما فعلته مفاجئة به الجميع…وهل كان قرارها بالأساس، ام انه كان بإيعاز من الامريكيين وشركائهم الاوروبيين ولم يكن لها دور فيه؟ فإن عرف السبب بطل العجب على غرار فضيحة وفد المغرب الذي لم يفاجئ أحدا حين اكتشف انه يضم من بين أعضاءه جواسيس يحملون جوازات سفر إسرائيلية تم التعامل معهم من طرف الجهات الأمنية السعودية بمنعهم من المشاركة. فهاته القمة لا تقل أهمية عن قمة 1965بالمغرب من حيث حساسية المرحلة التاريخية الحاسمة،والتي أكّدت حيثيات تاريخية موثّقة أنّ الملك المغربي السابق حسن الثاني “أهدى” جميع تسجيلات القمة العربية التي أقيمت بلده بتاريخ 13 سبتمبر 1965، إلى جهاز الموساد وكانت هذه الخيانة من أهم الأسباب التي أدت إلى هزيمة العرب في الحرب مع إسرائيل.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى