للإعلان
جيوسياسيات

كيف وضعت أورسولا فون دير لاين الاقتصاد الأوروبي بين مطرقة الديمقراطيين وسندان ترامب؟

ترامب و أوروبا اتفاقات بالتهديد

محاصرة تمامًا بخطة مارشال الأمريكية التي تكرس هيمنة الولايات المتحدة على الخيارات الاقتصادية للقارة العجوز، يستعد الاتحاد الأوروبي (EU) لعودة محتملة لعدوه القديم، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض. حيث قررت مفوضية الأتحاد إطلاق الرصاصة الأولى حتى قبل أن تضمن عودة دونالد ترامب للبيت الأابيض, فما فحوى العرض الذي ستقدمه فان دير لاين المارد ترامب في حالة فوزه و قبل أن يتولى منصبه رسميًا،؟

Mf

كتبه | ترجمته بتصرف | ميرة ملاك نورهان


يستعد الاتحاد الأوروبي بخطة تجارية لمواجهة ترامب، مع اتفاق سريع أولاً، ثم تهديد بالرد بفرض رسوم جمركية إذا قام بفرض رسوم عقابية.

محاصرة تمامًا بخطة مارشال الأمريكية التي تكرس هيمنة الولايات المتحدة على الخيارات الاقتصادية للقارة العجوز، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، يستعد الاتحاد الأوروبي (EU) لعودة محتملة لعدوه القديم، دونالد ترامب، إلى سدة الحكم .

وقررت مفوضية الإتحاد إطلاق الرصاصة الأولى حتى قبل أن تضمن عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض, إذ يتم إعداد استراتيجية تجارية جديدة عبر وثيقة ستعرض على ترامب ان فاز في سباقه ضد كامالا هاريس
تتضمن هذه الاستراتيجية الجديدة تقديم اتفاق سريع إلى صقور الاقتصاد من فريق ترامب، ثمة تهديد بالرد بفرض حزمة من القيود الجمركية، إذاما قام الأخير بفرض رسوم عقابية.

ويعتبر المسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن هذا النهج الذي يجمع بين الجزرة والعصا هو أفضل رد على وعود ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 10%، والتي يعتقدون أنها قد تقلل من الصادرات الأوروبية بنحو 150 مليار يورو سنويًا.
إذ يخطط مفاوضو الاتحاد الأوروبي للتواصل مع فريق ترامب إذا فاز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024،و ذلك قبل أن يتولى منصبه رسميًا، للمناقشة حول المنتجات الأمريكية التي يمكن للاتحاد الأوروبي استيرادها بكميات أكبر.

وتتمثل هذه الخطوة الاستباقية في تقديم عرض تجاري مسرع، لتجنب الرسوم العقابية والوصول إلى اتفاق يعزز التجارة بين الطرفين، كما أفادت بذلك مجلة فاينانشيال تايمز البريطانية في عددها اليوم، الاثنين 29 يوليو 2024.
إذا فشلت المفاوضات وفرض ترامب رسومًا أعلى، فإن لجنة التجارة في المفوضية الأوروبية تستعد لإعداد قوائم بالواردات التي قد تخضع لرسوم جمركية بنسبة 50% أو أكثر. ويهدف هذا التهديد إلى إظهار أن الاتحاد الأوروبي مستعد للدفاع عن مصالحه التجارية بشكل لا يقل عدوانية عن تلك التي ينتهجها ترامب باسم “أمريكا أولا” .

وقال مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي: “سنبحث عن إبرام اتفاقيات، لكننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا إذا لزم الأمر (…) لن ندع الخوف يوجهنا».
ومع ذلك، فإن بعض المحللين أكثر تشاؤمًا، حيث يرون أنه منذ الأزمة المالية لعام 2008، أضحى اقتصاد الإتحاد الأوروبي ضحية لحسابات النخبة الأمريكية ديمقراطية كانت او جمهورية.

محاصرًا بين مطرقة الديمقراطيين وسندان الجمهوريين، يكافح الاقتصاد الأوروبي للتحرر من دوامة مدمرة، تفاقمت بسبب جائحةكورونا وأزمة الطاقة الناتجة عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، والنزاعات المتعددة التي أثارتهارئبسة المفوضية أورسولا فون دير لاين وفريقها، خاصة مع الصين وروسيا وبعض الدول الأفريقية، وخاصة الجزائر، المزود الرئيسي للطاقة للأوروبا.


نزوح جماعي مربك للشركات الأوروبية نحو الولايات المتحدة

في الواقع، منذ انتخاب جو بايدن، أدت التدابير الاقتصادية والسياسية التي نفذتها إدارته، وخاصة قانون خفض التضخم (IRA)، إلى تخصيص ما يصل إلى 369 مليار دولار (أكثر من 341 مليار يورو) كحوافز ضريبية. ويهدف هذا البرنامج إلى دفع نبض الاقتصاد الأمريكي. التكلفة الضريبية التنافسية بشكل خاص جذبت عددًا متزايدًا من الشركات الأوروبية الشهيرة، التي اختارت مغادرة الاتحاد الأوروبي للاستقرار في الولايات المتحدة، مما أدى إلى شكل من أشكال التصحر الصناعي في القارة العجوز.

وفقًا لدراسة أجراها مكتب الاستشارات ماكينزي، قد تفقد أوروبا ما يصل إلى 1.5 مليون وظيفة بحلول عام 2025 بسبب هذه إزالة الصناعة التدريجية. علاوة على ذلك، تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة (IDE) في الاتحاد الأوروبي بنسبة 30%، بينما سجلت الولايات المتحدة زيادة بنسبة 20% في IDE، مما يعزز شركاتها ويجذب الشركات الأوروبية.
وتشمل القطاعات الأكثر تضررًا صناعة السيارات والتكنولوجيا والمواد الغذائية، حيث قد تصل خسائر الوظائف إلى أرقام خيالية.
إذا كانت تسلا غالبًا ما تُستشهد كمثال، فقد اختارت العديد من الشركات الأخرى أيضًا عبور المحيط الأطلسي، مدفوعة ببيئة ضريبية أكثر ملاءمة وفرص نمو جد مغرية.
في الواقع، عززت سيمنز “Simens“استثماراتها في التكنولوجيا الخضراء، بينما نقلت نستله”Nestlé” جزءًا من عمليات البحث والتطوير الخاصة بها إلى السوق الأمريكية. كما زادت يونيليفر “Unilever“من وجودها في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن العملاقين BASF وفولكس فاجن”Volkswagen” عززا استثماراتهما في مصانعها الأمريكية لتلبية الطلب على السيارات الكهربائية.
تثير السياسة الحمائية، التي أصبحت الآن أكثر وضوحًا وعدوانية، مخاوف كبيرة بين القادة الأوروبيين، خاصة في ظل احتمال عودة دونالد ترامب. قد يقوم الأخير، بلا تردد، بتقييد مجال عمل بروكسل بينما يدفع أورسولا فون دير لاين على إقحام الدول الأعضاء بشكل أكبر في جولته الثانية من حربه الاقتصادية المعلنة ضد الصين، الشريك التجاري الأول للأتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، أدخل الديمقراطيون أوروبا في صراع في قلب القارة، وهو صراع انهكها و أدى إلى أسوأ أزمة طاقة شهدها الاتحاد منذ صدمة النفط في السبعينيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى