للإعلان
تونسمغرب عربي

هل سهّلت حركة النهضة سفر تونسيين متطرفين للقتال في سوريا؟

هل سهّلت حركة النهضة سفر تونسيين متطرفين للقتال في سوريا؟

                                                                    حنان-جابلي  صحافية تونسية

 لم تتمكّن لجنة التحقيق في شبكات التسفير، التي تمّ تكوينها في كانون الثاني (يناير) العام 2017، وتضمّ برلمانيين من مختلف الأحزاب، من كشف حقائق هذا الملف الأمني الخطير للرأي العام، ولم تقدّم كثيراً من المعلومات حوله، إثر تبادل عددٍ من الأحزاب السياسية التهم حول هوية الجهة التي تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية، إبان تزعم حركة النهضة المشهد السياسي، بين 2012 و2014.

والمعلوم؛ أنّ هذه الفترة شهدت التحاق الآلاف من الشباب التونسي ببؤر التوتر في الخارج؛ حيث قدّرت تقارير استخباراتية أجنبية عدد الإرهابيين الذين تمّ تسفيرهم إلى بؤر التوتر بنحو 5000 مقاتل، عاد منهم 800 عنصر إلى البلاد، بعد أن ضاق الخناق عليهم هناك، وتؤكّد المصادر الأمنيّة أنّ غالبية “المقاتلين والمقاتلات” يسافرون بجوازات سفر تونسية مزوّرة إلى تركيا، ليلتحقوا بإرهابيي تنظيم الدولة في كلّ من سوريا والعراق.

هل تسعى حركة النهضة إلى طمس الحقيقة؟

هذا وأعاد قرار البرلمانية التونسية، فاطمة المسدّي، بالاستقالة في كانون الثاني (يناير) الماضي، من اللجنة المختصّة في التحقيق في الموضوع، بسبب ما عدّته رغبة حزب حركة النهضة في تولّي رئاستها باعتبارها الكتلة الأكبر في البرلمان، الجدل حول الاتّهامات الموجّهة إلى الحزب، بالتورّط في تسهيل تسفير المتطرّفين إلى مناطق النزاع، والسعي إلى إخفاء حقيقة ذلك.

فاطمة المسدّي: 80% من جلسات الاستماع إلى المعنيين بملف شبكات التسفير أكدت أنّ حركة النهضة متورّطة في الملف

وبيّنت المسدّي، خلال ندوة صحفية عقدت في أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي؛ أنّه تمّ “تسييس الأمر”، وأنّها تكاد تجزم أنّ اللّجنة “لن تعمل خلال ما تبقّى من هذه الدورة النيابية الأخيرة؛ لأنّ حركة النّهضة ترغب في تغيير التركيبة على أن تتولى رئاستها.”

وترى المسدّي، في تصريحها لـ “حفريات”، أنّ كلّ ما حدث يعدّ “مراوغة سياسية لافتتاك عمل اللّجنة”، ولفتت إلى أنّه “80% من جلسات الاستماع إلى المعنيين بملف شبكات التسفير أكّدت أنّ هناك أطرافاً من حركة النهضة مشتبهاً في تورّطها في تسفير الشباب، بالتالي حركة النهضة متهمة، وهذا يعني أنّه لا يمكنها أن تكون متهمةً وحكَماً في الوقت نفسه”.

وشدّدت البرلمانيّة على ضرورة إحداث لجنة شعبيّة للتحقيق، في ظلّ وجود مساعٍ حثيثةٍ لقبر الحقيقة، رغم المعطيات الخطيرة التي تهمّ أمن الدولة، ورغم وجود ملف الجهاز السري لحركة النهضة على طاولة مجلس الأمن القومي، وفق قولها.

فاطمة المسدّي تتّهم النّهضة بالسعي لإخفاء حقيقة تورطها بتسفير الشباب لمناطق القتال

ملف “التّسفير” يدخل مرحلة التسوية السياسية

ورأى سياسيون أنّ استقالة رئيسة الهيئة، هالة بن عمران، من كتلة نداء تونس، والتحاقها بكتلة الائتلاف الوطني التي تدعمها حركة النّهضة، سيعقّد مسار كشف حقيقة تسفير الإرهابيين إلى سوريا والعراق، وسيمرّ بعمل اللجنة إلى التسويات السياسية والترضيات الحزبية للتغطية على الأسرار التي قد تبوح بها أعمال اللّجنة، وهو ما تخوّفت منه المسدّي نفسها.

طارق الفتيتي: اللجنة دخلت في مرحلة موتٍ سريري؛ لأنّ الرئيستين اللتين تعاقبتا عليها دخلتا بكتلة برلمانية جديدة تدعمها النّهضة

كما أكّد ذلك عضو اللّجنة، طارق الفتيتي، الذي رأى في تصريحه لـ “حفريات”، أنّ اللّجنة “دخلت في مرحلة موتٍ سريري؛ لأنّ الرئيستين اللتين تعاقبتا عليها دخلتا في كتلة برلمانية جديدة (كتلة الائتلاف الوطني الموالية ليوسف الشاهد)، تدعمها حركة النّهضة، ولن يناسبهما الكشف عن الحقيقة للتونسيين”.

ولفت الفتيتي إلى أنّ نواب حركة النّهضة هم الأكثر تمثيلاً في اللّجنة (7 نوابٍ من جملة 22 نائباً من باقي الأحزاب)، مشيراً إلى أنّهم توصّلوا إلى معلومات مهمّة خلال جلسات استماع عقدوها مع بعض العائدين من بؤر التوتّر لكن الحسابات السياسيّة عطّلت المضي فيها، وكشفها للرأي العام التونسي.

النّهضة لها يد طويلة؟

ومنذ شهدت تونس أول عملية اغتيال سياسي، عقب اغتيال اليساري المعارض، شكري بلعيد، التي تتهم حركة النهضة بالتورّط فيها، تعالت أصوات المعارضة بضرورة تحييد وزارات السيادة وأهمّها وزارة الداخلية، ودعا الفرقاء السياسيون إلى ضرورة تحييد المناصب الحساسة صلب المؤسسة الأمنية، متّهمين حركة النّهضة بالسيطرة عليها.

وتدين الجبهة الشعبيّة اليسارية المعارضة، وهيئة الدفاع عن الشهيدين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي حركة النهضة بـ”السيطرة على المؤسسة القضائية والمؤسسة الأمنية”، كما تتّهمها بـ”الضلوع في الإرهاب” (وفق معنى الفصل السابع من قانون الإرهاب المصادق عليه في تونس عام 2015).

كما تتّهم هيئة الدفاع اللّجنة البرلمانية المتعلقة بالتحقيق في شبكات التسفير بعدم الاهتمام بما قدّمته قيادات أمنية، من معطياتٍ حول شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، وأيضاً ما تضمنته تقارير أمنية حول ضلوع حركة النهضة في تشكيل جهاز أمنٍ سرّي ضمن ما سُمي بـ “الأمن الموازي”.

وفي هذا السياق، ترى مديرة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنيّة والعسكرية، بدرة قعلول، في تصريحها لـ “حفريات”؛ أنّ النهضة متورطة، وفق معطيات قدمها نقابيون أمنيّون في تسفير الشباب إلى سوريا والعراق، وأنّ اللجنة لم تأخذ المعطيات الواردة على محمل الجدّ، ولم تجر بحثاً معمّقاً في المسألة”، لافتةً إلى أنّ ملف التسفير “لا يمكن أن يكون إلا تحت غطاءٍ سياسي”.

وشدّدت قعلول على أنّ “حركة النّهضة لها يدٌ طويلة داخل وزارة الداخلية، وداخل المؤسسة القضائية، وأنّ هناك معطيات مخفية في الأدراج لن تُكشف إلّا إذا غادرت الحركة الحكم”.

الترويكا بقيادة النهضة و المسؤولية السياسية

هذا ويؤكّد الخبير الأمني والعسكري، فيصل الشريف، في حديثه لـ “حفريات”، أنّ الأطراف الحاكمة بقيادة حركة النّهضة، خلال الفترة 212 و2014، “تتحمّل المسؤولية السياسية والأخلاقية في تسهيل تسفير المتطرفين، واستقطابهم داخل المساجد وعبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

خبير أمني: الأطراف الحاكمة بقيادة النهضة بين عامي 2012 و2014 تتحمّل المسؤولية بتسهيل تسفير الإرهابيين واستقطابهم داخل المساجد

وأضاف الشريف؛ أنّ الطبقة الحاكمة آنذاك “سهلت الاستقطاب والتسفير، ووفّرت الغطاء السياسي مستغلّةً الزخم العام والهيجان السياسي الذي شهدتهما المنطقة خلال تلك الفترة، لتشجيع المتطرّفين على الذهاب إلى سوريا والإطاحة بنظام بشّار الأسد”.

الخبير الأمني والعسكري شدّد أيضاً على أنّ الطبقة السياسية التي تصدّرت المشهد السياسي إبان الثورة عملت على “تفريغ جهاز أمن الدولة، لتسهيل برامجها في تكوين متطرّفين، منبهاً من خطر العائدين من بؤر التوتر على أمن البلد”.

وفي سياق متّصل؛ تضمّن فيلم وثائقي بثّته قناة “الشروق الجزائرية”، في أيار (مايو) الماضي، تحت عنوان “مجنّدون تحت الطلب”، شهاداتٍ، واعترافاتٍ خطيرةٍ لإرهابيين تونسيين تكشف تورط حركة النهضة، وعددٍ من الجمعيات في تسفيرهم إلى بؤر التوتّر من أجل القتال.

وقال الإرهابيون المعتقلون في أحد السجون الليبية: إنّ حكومة الترويكا (عهد حكم حركة النهضة) قامت بتسهيلات لسفرهم عبر مطارات تونس ومعابرها البريّة؛ حيث شدّد الإرهابي حمزة الجري، في شهادته، على أنّ قيادات من حركة النهضة كانت تشجّعهم، وتحثّهم على السفر إلى سوريا خلال اندلاع الثورة السورية.

من جانبه، أكّد عنصر آخر منتمٍ لتنظيم داعش الإرهابي أيضاً، يدعى منير بالحبيب، أنّ ذهابه إلى سوريا كان بهدف “العيش في مناطق يحكمها الإسلام والعيش في الشريعة ولأداء الصلاة دائماً في المسجد وحفظ القرآن وعدم رؤية النساء متبرجات”، قائلاً: وأشار في ذات الإطار إلى أنّه اكتشف لاحقاً أنّه صارمجبراً بقوة السلاح على العودة إلى تونس، لتنفيذ مخططات إرهابية في البلاد، وإقامة “دولة الخلافة”، لافتاً إلى أنّ السفر إلى سوريا لم يكن ممنوعاً آنذاك، وفق شهادته في الوثائقي المذكور

https://www.hafryat.com/ar/blog/%D9%87%D9%84-%D8%B3%D9%87%D9%91%D9%84%D8%AA-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%9F?fbclid=IwAR3MKjPjUEened0ldDDtFD3IHadVB0dVhnYJyirH4mXi0yZ2d-Ri_w4cy18#.XGKP_QYvPEc.facebook

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى