للإعلان
الجزائروجهة نظر
أخر الأخبار

الدولة ومنطق بارونات الاستيراد والمضاربة .. ثرواتٌ طائلة وعقولٌ دمى بيد قوى الخارج

المتتبع لتسلسل الأحداث الاقتصادية في الجزائر لن يستطيع إخفاء اندهاشه وعدم قدرته على الرد على السؤال التالي: لماذا يشهد البلد ظاهرة غير مسبوقة في ندرة وارتفاع الأسعار بفترات معينة في وقت يشهد انتعاشه في النشاط الاقتصادي مقارنة مع فترات سابقة من تاريخه القريب ؟

كتبه | أ .زكريا


في العشرية السوداء وحين كانت الجزائر تنزف تحت وطأة الإرهاب، والمديونية والحصار الاقتصادي، السياسي والإعلامي لم تشهد هذه الممارسات غير الاخلاقية في علاقة الفرد بالدولة خاصّة علاقة أولئك الذين من واجبهم دفع الضريبة ومن حقهم مراكمة الثروة، أو هكذا يعتقدون أنفسهم على الأقل، في بلد كلما تفطّنت فيه الإرادات الصّادقة إلى ضرورة دكّ حصون المستفيدين من الريع إلا واستيقظت نزواتهم في دفع المواطن وهو الحلقة الأضعف إلى الحاجة والندرة والشعور بالخوف من الدخول في مناكفات لا ناقة له فيها ولا جمل.

 لا بد للمواطن أن يتذكّر، وأن يقاوم النسيان الممنهج الممارس في حقه، بقصد أحيانا، يتفكّر في سياسة الدولة الجزائرية باعتبارها الكيان الحاضن لمفهوم المواطنة الحقُة وأن ينظر في برنامج الرئيس باعتباره رأس الأمر فيها والمسؤوول عنه, سيفهم اللعبة جيدا..

فليتذكر أن من يمارس الاحتكار هو ممن كانوا من المستفيدين من العمليات الإرهابية التي قضت على المؤسسات المنتجة لصالح جماعة “لانبور-آنبور” (Import-Import) التي صرفت أموالا طائلة كي لا تعود هاته المؤسسات التي أبيدت لإجل سعادهم, خلال سنوات الجمر

الرئيس تبون تعهّد خلال حملته الانتخابية بوقف الاستيراد مع تشجيع الانتاج الوطني وإعادة نشاط الشركات الوطنية, فليحاسب هل وفى بتعهده.

هذا القرار لا ولن يخدم لوبيات المال والاستيراد خاصة المواد الاستهلاكية الإاستراتيجية. الكل يعلم ان هذه اللوبيات تحتكر السوق الوطنية وتمنع اي شركات منافسة لها ,متستعملة ما -يسمى اصطلاحا في قانون الإعمال, موقع المسيطر (Position Dominante)- كورقة ضغط على الحاكم والمحكوم على حد السواء.

قرار منع الاستيراد في حد ذاته قرار صائب، حسب كثير من ذوي الاختصاص، خاصة وأن هدف الإخر و الذي لا يقل أهمية هو أيقاف نزيف تهريب العملة الصعبة

نفس القرار فتح المجال للمؤسسات الصغيرة والناشئة وبعث نشاط مؤسسات وطنية كانت بالأمس تنافس منتجاتها شركات عالمية على أذواق المستهلك الجزائري. الكل يتذكر مكانة شركة صناعة السيارات والجرارات ومصانع النسيج والجلود ومصانع السكر وغيرها. ففي غضون عامين من بعد الحراك, وأد الحديث عن البطاطا والسكر و الحليب، ما خرج الجزائريون من أجله في حراكهم, و هو العدالة و بناء دولة القانون, ركيزة الرفاه المنشود.  

لقد لجأت اللوبيات المحتكرة للسوق الى عملية المضاربة التي ساهمت في رفع الأسعار وذلك لتحقيق أغراضهم المكشوفة، وأهمها دفع المواطن للضغط وعلى قاعدة الندرة, الدولةَ لتتراجع عن سياستها، واعادة فتح مجال الاستيراد على أساس آليات تضمن لهم مزيدا من الاستفادة من الرّيع

الدولة اجبرت الشركات على التعامل بـ “الفاتورة” مثلما هو معمول به في باقي دول العالم، لتبقى الاسعار تحت رقابة الدولة لكن الشركات الخاصة والممونون والموزعون رفضوا التعليمة مع العلم ان الفوترة تمكن الدولة من فرض الضرائب حسب الدخل وهذا لا يخدم اصحاب الملايير الذين يصرحون بـ اقل من 20 مليون فقط كدخل شهري 

علينا الانخراط كمواطنين في دائرة فهم ووعي وهي بأن الدولة لاتزال تدعم المواد الاستهلاكية وهذا التزاما بمبدأ الدولة الاجتماعية المكرسة في بيان أول نوفمبر

وعلى المواطن ان يفهم ويبحث في مفهوم فصل المال عن السياسة. لكن شبكات التواصل الاجتماعي لا ولن تعطيه الإجابة الوافية في مثل هاته الأشياء الحساسة. لأن هذا ما سيحرّر الجزائر من قبضة مافيا الاستيراد التي تتاجرُ وتساوم بالظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطن, تغرق السوق وقتما تشاء وكيفما تشاء وتحاصر المواطن اقتصاديا كما تشاء مع الأسف

علينا أن نتعرف أيضا بأن الرئيس تبون بحكم قضائه أكثر من أربعين عاما في دهاليز الإدارة المحلُية والمركزية، فهو على دراية بسرطان الفساد الذي تعاني منه الجزائر

وعلى قدر أهمية قرار تجميد الرسوم والضرائب الذي اتخذه مجلس الوزراء الأخير, إلا أن الكثير من المتعاملين الاقتصاديين يتساءلون:

ألم يحن الوقت لتجسيد مشاريع إقامة مناطق التجارة الحرة في الجزائر؟ تلك المنطقة المعفية من كل الضرائب لتنشيط الاقتصاد الوطني، على غرار كثير من البلدان أثبتت تجربتها، نجاعة وقدرة هاته المناطق على جلب المستثمرين

فقرار التجميد يمكن أن يحكم عليه بالشعبوية إن لم يتوج بإنشاء تلك المناطق للتبادل الحر, بعد اجتياز مرحلة التضخم وارتفاع الأسعار العالميين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى