للإعلان
وجهة نظر

رموزنا بين تحدي التعدي والاستجابة الفاعلة، إلى متى؟

 تم في بداية الأسبوع إيداع النائب السابق عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية نور الدين أيت حمودة, الحبس المؤقت بالمؤسسة العقابية بالحراش بعد متابعته بتهمة بث خطاب الكراهية في المجتمع من مصدر قضائي. وقد تم توقيف كان نور الدين ايت حمودة يوم السبت بمنطقة تيشي ببجاية بعد التصريحات التي أدلى بها في 18 من الشهر الجاري في حوار بث على قناة تلفزيونية خاصة (الحياة تي في) تذكي خطاب الكراهية. تصريحات آيت حمودة أثارت استهجانا واسعا لدى الجزائريين ما زاد في الأمر غرابة إصرار بعض الأصوات وضع هاته التصريحات في خانة حرية التعبير


بقلم: فاروق صدراتي


تصريحات   آيت حمودة أثارت استهجانا واسعا لدى الجزائريين مما أستدعى تدخل سلطة السمعي البصري التي قررت، عقب استدعاء مدير القناة التلفزيونية هابت حناشي، توقيف بث برامجها بين 23 و29 يونيو الجاري مع طلب من وزارة الاتصال سحب اعتمادها طيلة هاته الفترة.

 مهما كان نوع ألإستفزاز وكيفما كان، لو وضعناه في منظار “التحدي والاستجابة” حسب تعبير أرنولد توينبي، والذي يعتبر من خلاله إلى أن لكل فعل رد فعل, ومنه ففعل الاستفزاز بمثابة التحدي الذي ينتظر أو سيولد في المقابل رد فعل كاستجابة له.

  هذه الاستجابة تتباين طبيعتها من شعب إلى شعب، كل حسب تركيبته وتكوينه، كما تعبر في كثير من الأحيان عن مدى ومتى تكون الاستجابة واعية ذات فعالية وفاعلية، ومتى تكون الاستجابة سالبة غير حيوية، عدا ما يكتنفها من العاطفة وتغذيها الشيء الكثير الكثير.

وعلى مرمى ما تناقلته وسائل الإعلام والرأي العام حول شخصية الأمير عبد القادر وما أثير حوله، وبعيدا-لكن ليس كثيرا-عن مسألة التوظيف لهذه الحادثة والظرف الحساس و المريب التي أتت فيه، فإن الاستجابة-بدون تعميم-التي تولدت كانت تحمل في كثير من طياتها عاطفة وذاتية واضحة، وإن كانت بالطبع غيرة وذودا عن علم ورمز له وزنه الثقيل في ذاكرة الشعب.

  هذه الاستجابة وبالرغم مما تحمله من إيجابيات، فإنها تجعلنا نعيد النظر فيها مرة أخرى، خاصة على مستوى نجاعتها وصلاحيتها، لأن هذا النوع من الاستفزازات الذي حصل ليس وليد الساعة، كما أن تكراره في العديد من المشاهد والمحافل ليس من باب الصدفة، فكيف بتكرار نفس الاستجابة التي تكاد تكون في حكم العادة والتقليد، حتى يكاد أيضا يصدق قول القائل: “إن تحطيم الأبطال والرموز ظاهرة غريبة تميز بها الشعب الجزائري عبر تاريخه، ويكاد يكون فريدا بين الشعوب في ذلك.”

  في المقابل ما وجه الاستجابة الآخر الذي يجدر تحريره عندما يتعلق الأمر بذاكرة الشعب، وخصوصا عندما يتعلق الأمر برموزه وأعلامه، فكيف إدن هي علاقتنا أولا مع التاريخ ككل، العام والخاص؟ ما طبيعة العلاقة التي تجمعنا بأبطالنا وشهدائنا، بمجاهدينا وعلمائنا؟ ماذا نعرف عن هؤلاء حق المعرفة؟ وهل ما نعرفه يتجاوز حاجز التقديس وعقدة التلبيس أم يقف عند ذلك؟ أم أننا نقف على الحقائق والوقائع ثم نواري عنها الأستار ونقيم عليها الأسمار؟ ماذا نعرف عن الأمير عبد القادر، ومن هو في وزنه عدا الاسم واللقب؟ ماذا نعرف عن نهجه، عن إنجازاته الفكرية والعملية؟ هل ما نعرفه عن هذا العَلَمْ والرمز وغيره كاف لملء فراغات ما نجهله، وسد الثغرات أمام هذا النوع من الاستفزازات وغيرها؟ هي جلها استفهامات مازال الباب أمامها مفتوح، والتي من شأنها-كمحاولة-الوقوف على استجابة فاعلة، وتصور رد فعل يُنْبِي على وعي حقيق وكفيل بتحمل مسؤولية الذود عن الذاكرة وحمايتها عن جدارة، بعيدا عن لغة العواطف والمشاعر، وكذا الأوهام والأساطير، التي جلها في حكم الهشيم الذي تذروه الرياح أينما شاءت وكيفما أرادت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى