للإعلان
المغربعربي

كيف ينتشل النظام المغربي اقتصاد “إسرائيل”؟

أغلبية الشعب المغربي معارض تماماً لبناء علاقات طبيعية مع كيان الاحتلال ورغم هذه المعارضة مازال النظام يرفض التفاعل مع المطلب الشعبي الداعي إلى فك الارتباط مع الكيان الصهيوني المحتل وإلغاء اتفاق التطبيع، رغم التحذيرات المتصاعدة من خطر الاختراق الصهيوني لمفاصل النظام المخزني بل تُصرّ الرباط على خدمة مصالح رعاة حاكمها على حساب مصالح المغرب”الرعية”. التجارة هي إحدى البوابات التي يفتحها نظام المغرب لمُساعدة “إسرائيل”، وهو ما أظهرته الإحصاءات التجارية إلى بداية عام 2024. مسار بدأ قبل الحرب على قطاع غزّة، ومُستمر رغم كلّ ما يجري.

Mf

بقلم | ميرة ملاك نورهان وأحمد زكريا


ولا تعتمد دولة الاحتلال الإسرائيلي على صادراتها للمغرب كوجهة نهائية بل تستعمله كمنصة للولوج إلى إفريقيا خاصة دول افريقيا الغربية. حيث لجأت إلى عدة خدع أهمها الإلتفاف على الحملة العالمية لمقاطعة المنتوجات الواردة من الأراضي المحتلة، ذلك بنقل الكثير من نشاطاتها الإنتاجية إلى المغرب، أين اليد العاملة الرخيصة والمحرومة من التغطية الاجتماعية. وثانيهما استغلال المياه والأراضي المغربية للإنتاج الفلاحي ما يمنح الكيان الصهيوني حلا جذرسيا لمعظلة شح المياه التي تضرب قطاع الزراعة فيه. كما دفعت الحرب الجارية الآن بالآلاف من “الإسرائيليين” للهروب الى بلدانهم الأصلية و منها المغرب.

وارتفعت نسبة زيادة الصادرات الإسرائيلية الى المغرب عام إلى غاية 2024 إلى أكثر من 128%   مما يضع المغرب في مقدمة البلدان المطبعة من حيث التبادلات التجارية مع الكيان الاحتلال “الإسرائيلي”.

والملاحظ أنّ الرباط استوردت بشكل رئيسي المواد الكيميائية والمتفجرات خاصة منها المستعملة في حربها مع جيش التحرير الصحراوي “بوليساريو” وكذا معدات قمع التظاهرات الشعبية المتزايدة ز كذا معدات التجسس على الشخصيات و الكيانات المعارضة للنظام.

ووفقًا لبيانات وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، تراجعت صادرات “إسرائيل” إلى العالم سنة2024 بسبب الحرب على غزة العزلة الدولية التي تعاني منها جراء جرائمها إلى بنسبة 6%. رغم ذلك، ارتفعت الصادرات إلى المغرب بنسبة % 128

وسجلت التبادلات المغربية أرقاما قياسية أرقاما قياسية عام 2023 بميزان تجاري لصالح إسرائيل دائما. وشملت السلع التجارية، في الأشهر السبعة الأولى من سنة 2022، منتجات المنسوجات والملابس، و7.8% من التبادلات، شملت الآلات والمعدات الطبية والأسلحة.

“صنع بالمغرب”أم صنع بإسرائيل؟” (?Made in Morocco or made in Israel)

 وقعت الرباط اتفاقية التعاون التجاري في 21 فبراير عام 2022 وكانت النواة الاساسية لتبادل التجاري مع اسرائيل، أثناء زيارة وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، أورنا باربيفاي إلى المغرب. وقالت الوزيرة إنّ تلك الاتفاقية من شأنھا أن «تُشكّل خطوة مھمة لتثبيت الأسس الاقتصادية للعلاقات التجارية بين المغرب وإسرائيل»

 وكان هدف الحقيقي الإسرائيل من وراء اتفاقيات مع النظام المغربي هو التوغل إلى اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية التي وقّع عليها المغرب عام 2018. وتُغطّي الاتفاقية سوقًا اقتصاديًا ضخمًا قيمة ناتجه المحلي المشترك تفوق 3 تريليون دولار.

توغل البضائع الاسرائلية الى القارة الأفريقية هدفه استراتيجي بالأساس، إذ تطمح اسرائيل بالانفتاح الاقتصادي على بلدان القارة السمراء بعد أن عززت موطئ قدمها في دواليب الاقتصاد المغربي. ولهذا يبدو رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري مع المغربكمقدمة لتوسيع دائرة التطبيع مع بقية بلدان القارة الإفريقية، واستغلال فرصة تيسير المبادلات التجارية بين بلدان المنطقة لتمرير السلع الإسرائيلية إلى السوق الإفريقية، ليصبح المغرب “منصة عبور إسرائيلية” للأسواق اللإفريقية

كيف صدمت حرب غزه الاقتصاد الاسرائلي؟؟

أظهر تقدير أولي لمكتب الإحصاءات الإسرائيلي المركزي أن اقتصاد إسرائيل انكمش 19.4% على أساس سنوي في الربع الرابع من العام الماضي، متضررا من الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة. وذكر المكتب أن هذا الانكماش جاء مدفوعا بتدهور القطاعات كافة، في وقت تراجع فيه مستوى الاستثمار بنسبة 70%. وحسب البيانات، تباطأ النمو الاقتصادي لإسرائيل إلى أكثر من 2% لعام 2023 بأكمله مقارنة مع 6.5% عام 2022.

وانكمش الاستهلاك الخاص في الربع الرابع بنسبة 27%، ورافقه انكماش في الاستهلاك العام بنسبة 90% تقريبا خلال الفترة نفسها، وذلك على أساس سنوي.

وقال مكتب الإحصاءات إن “انكماش الاقتصاد في الربع الرابع لعام 2023 تأثر بشكل مباشر باندلاع الحرب مع غزة.. تغيرت تركيبة الناتج المحلي الإجمالي بعد التعبئة الواسعة لجنود الاحتياطي، ودفع تكاليف الإسكان البديل، ونقص العمالة في البناء” و هجرة جماعية للمستوطنين سواء داخل دولة الإحتلال أو خارج أرض فلسطين.

وباستثناء عام 2020 عندما ضرب فيروس كورونا العالم، وانكمش الاقتصاد الإسرائيلي حينها بنسبة 2.5%، فإن المرة الأخيرة التي انكمش فيها الاقتصاد كانت عام 2009، في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

وتقدر توقعات شعبة البحوث بالبنك المركزي الإسرائيلي أن الحرب على قطاع غزة ستستهلك في المتوسط نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2024 وهذا رقم يعتبر أقل من تقديرات خبراء دوليين.

واندلعت الحرب الإسرائيلية على غزة بعد هجوم شنته المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي على غلاف ردا على الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ومقدساتهم. عملية “طوفان الأقصى” هاته كان لها وقع كبير على المستوى اللأقليمي والدولي كما أنها ساعدنت شعوب البلدان العربية المطبعة على الخروج من دائرة الخوف و التظاهر من أجل فك الإرتباط مع الكيان الذي يرتكب إبادة جماعية ممنهجة ضد الفلسطينيين.

وفي كامل 2023، كانت الضربة الرئيسية التي تلقاها الاقتصاد هي مستوى الاستثمار، الذي انخفض بنسبة 2%، ونصيب الفرد من الاستهلاك الذي انخفض بنسبة 2.8%.

وتأتي هذه البيانات أياما قليلة من خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى “إيه 2” (A2) من “إيه 1” (A1) مع نظرة مستقبلية سلبية، وهو أول خفض في تاريخ دولة الاحتلال.

وقالت موديز وقتها إن سبب تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل هو الحرب مع المقاومة الفلسطينية وتداعياتها، في حين توقعت الوكالة ارتفاع أعباء الدين في إسرائيل عن توقعات ما قبل الحرب على غزة.

خضوع بلا مقابل

بعد ثلاث سنوات على توقيع اتفاقيّة التطبيع، بدا واضحًا فشل النظام المغربي في حصد ثمار هذه الصفقة، على النحو الذي استهدفه عام 2020. فعند توقيع الاتفاق حاول النظام المغربي إقحام الولايات، كطرف ثالث بالاتفاقية مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء إلا ان دعم ترامب لم يتعدى تغريده على منصة توتير.  كما ان نتنياهو بطبعه الاستفزازي لم يتوانى على الظهور تلفزيا أسابيع بعد الإمضاء على التطبيع ومن وراءه خريطة للمغرب منقوصة من الصحراء الغربية المحتلة أي بحدوده المعترف بها بالأمم المتحدة و الأتحاد الأفريقي.

الولايات المتحدة الأميركيّة، وبخلاف الوعود التي قدّمها ترامب عند توقيع الاتفاق، لم تضغط لاحقًا كما يجب لتحريك ملف المفاوضات حسب توجه المغرب، تفاديا لإثارة استياء الشريك الجزائري الذي تعتبره أحد أسس الاستقرار في المنطقة وشريك أساسي في محاربة الإرهاب الدولي ووسيط ذو مصداقية في ملفات افريقية حساسة رغم تصادمها في كثير من الحالات مع توجهات الإدارة الأمريكية.

بل وعلى العكس تمامًا، اكتفت الولايات المتحدة بدعم عمليّة السلام العالقة، التي تقودها الأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء الغربيّة. أمّا تعهّد الولايات المتحدة بالتفاوض مع الأطراف الإقليميّة، لتطبيق حل “الحكم الذاتي”، فتبخرت مع اختفاء تغريدة الرئيس السابق دونالد ترامب. ومع خروج ترامب من البيت الأبيض، حاولت إدارة بايدن أن تنأى بنفسها عن مواقف وإلتزامات ترامب، بما فيها تلك التي قدّمها للمغرب عند توقيع اتفاق التطبيع.

في الوقت عينه، أرخى تفشّي وباء كورونا بظلاله على حركة السفر بين المغرب والكيان الصهيوني خلال عامي 2020 و2021، فيما عانى المغرب من تداعيات الضغوط الاقتصاديّة العالميّة خلال عامي 2022 و2023. ولهذا السبب، لم تؤدِّ اتفاقيّة التطبيع إلى القفزة الكبيرة التي كانت تتوقّعها المغرب، في الاستثمارات الإسرائيليّة الواردة إلى البلاد.

في المقابل، استفادت إسرائيل من اتفاقيّات التعاون العسكري والأمني، لتجد لها خط أمامي لها بمنطقة المغرب العربي. كما

كما ساهم تنامي العلاقات بين بين النظام المخزني والنظام الصهيوني من فتح الباب واسعا لهذا الأخير من اختراق المجتمع المغربي وكذا فك العزلة الدوليّة عن حكومة نتنياهو، وهو ما راح نتنياهو يستعرضه كإنجاز أمام الرأي العام الإسرائيلي، في ظل الضغوط الخارجيّة.

لم يحقق مسار التطبيع المغربي الإسرائيلي التطلّعات المغربيّة، الأمر الذي تحوّل لاحقًا إلى خيبة أمل في أوساط شريحة واسعة من الرأي العام المغربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى