للإعلان
مغرب عربي

الجزائر وليبيا و تونس تتفق على آلية لإدارة المياه الجوفية بالصحراء

تحرك استباقي في شطرنج جيوسياسية الأمن المائي

اعتبر خبراء الأمن المائي أن التوقيع على اتفاقية إنشاء آلية مشتركة حول إدارة المياه الجوفية في شمال الصحراء، مقرها الجزائر، تحرك استباقي استراتيجيي في لعبة شطرنج جيوسياسية الأمن الغذائي والمائي. فقد صار من المؤكد أن في خضم الصراعات الدولية كان الماء أحد أهم أسلحة الحروب الهجينة و الكلاسيكية

Mf

بقلم |  هبة نوال


بوادر هاته الحروب ظهرت بدأت مع ما يسمى “بالربيع العربي” و ما نجم عنه من فوضى و تقسيمات تخفي في طياتها النية في الإستلاء ليس على الموارد النفطية فحسب بل ما هو أكثر حيويه و هو الماء.  فمن نهري دجلة والفرات إلى نهري الأردن والليطاني مرورا بالنيل اضحى بات من الواضح أن البلدان العربية من مشرقها إلى مغربها العربيين، ساحة لمعركة إعادة رسم خرائط المياه للاستحواذ عليها.

و على ضوء هذا وقعت كل من الجزائر وتونس وليبيا، يوم الاربعاء بالجزائر العاصمة، على اتفاقية من أجل انشاء آلية، للتشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بينها بالصحراء الشمالية. للذهاب أبعد من مسألة ترشيد سياسة استغلال المياه ستعمل البلدان الثلاثة على بناء استراتيجية اقتصادية واجتماعية تشاركية محورها الماء، تحسبا للتغيرات الدولية الطارئة مع انهيار العالم القديم والذي تحاول فيه دول عظمى إعادة رسم خرائط الموارد الحيوية على حساب دول الجنوب.

طبقة المياه الجوفية تغطي معظم الصحراء الجزائرية والتونسية وتمتد إلى ليبيا، 70 في المئة منها توجد في الأراضي الجزائرية، وتعد أكبر احتياط للمياه العذبة في العالم، ويحتوي على مايقارب 60 ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة التي هي نتيجة التراكم الذي حدث خلال الفترات الرطبة التي تتالت منذ مليون سنة، أي في مرحلة من فترة الطباشيري المبكر والأخيرة.

“على جناح السرعة”، هو العنوان الذي تبناه وزراء الموارد المائية للجزائر وليبيا وتونس في مراسيم التوقيع على هذا الاتفاق الذي من شانه خلق ديناميكية اقتصادية مشتركة ويرفع مستوى التعاون البيني إلى المستوى الاستراتيجي نظرا لارتباطه ارتباطا بالأمن الغذائي والمائي، كما انه يخفف الضغوط التي تمارس على ليبيا من خلال الحروب المفتعلة على حدودها الشرقية والجنوبية وذألك من خلال تفعيل ديناميكية اقتصادية مشتركة بينها وبين جارتيها الجزائر وتونس بما يعيد الروابط الاجتماعية العريقة بين سكان المناطق الحدودية.

وتأتي الوثيقة يومين فقط بعد انعقاد القمة الثلاثية بين الجزائر وتونس وليبيا والتي عبرت عن رغبة اكيدة للنهوض باقتصادات البلدان الثلاث “لمجابهة التحديات التي باتت تفرضها المرحلة الدقيقة التي تمر بها منطقة شمال إفريقيا”. حسب وصف وزير الري الجزائري طه دربال، مضيفا أن الاتفاق “يعكس رغبتنا في توفير الظروف التي تسمح لها بالعمل بأريحية وفي إطار مقنن وواضح المعالم بما يخدم مصالح الدول الثلاث ويكرس سيادة كل بلد غلى موارده المائية”.

إقرأ في الموضوع

وبدوره أكد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التونسي أن اتفاقية إنشاء آلية التشاور حول ادارة المياه الجوفية المشتركة بالصحراء الشمالية “تفتح آفاق كبيرة للتعاون الاقليمي وتساهم في تعزيز الامن الغذائي والمائي وبالتالي الامن القومي للبلدان الموقعة، ليظل حوض الصحراء الشمالية مصدرا للحياة والازدهار”.

من جانبه شدد الوزير التونسي، عبد المنعم بلعاتي ان اجتماع القمة الرئاسي الذي ضم قادة البلدان الثلاثة بتونس ” منح الغطاء السياسي الكبير” لمبادرة إطلاق هذه الآلية التشاورية للمرور و “بالسرعة القصوى نحو التنفيذ الميداني”.

وكيل وزير الموارد المائية لدولة ليبيا، محمد فرج قنيدي صرح من جانبه أن التحديات العديدة التي تشهدها المنطقة تفرض تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدان الثلاثة في مختلف المجالات وهو ما “تجسد -كما قال- في اجتماع تونس الأخير، مشيرا أن الاتفاقية “تضع حجر الاساس لتعاون مغاربي بما يضمن ادارة وتنمية مستدامة هذه الموارد المشتركة للأجيال القادمة”.

و من أهم الأدوار التي ستلعبها هذه اآلية هي الإلمام بكل المعلومات التقنية و الجيولوجية حول المياه الجوفية و ترشيد استغلالها بإيجاد البدائل لتوفير المياه الصالحة للشرب الموجهة للري الفلاحي. كما سيعمل خبراء الدول الثلاث على تطوير مشاريع وتقنيات لترشيد استعمال المياه بتقنيات تصفية المياه المستعملة وإعادة استغلالها في الري الفلاحي، واستحداث مؤسسات مشتركة في هذا المجال للاستناد عليها في مسار تطوير آليات استعمال هذه المياه بالشكل الصحيح والفعال.

و تعول البلدان المغاربية كثيرا على التجربة الجزائرية التي أثبتت الدراسات أن الجزائر قادرة على إنتاج من 600 ألف إلى 800 ألف متر مكعب من المياه المعالجة، و كذا محطات تحلية المياه ومع استكمال المشاريع قيد الإنجاز، يمكن الوصول إلى 1.5 مليار متر مكعب تسمح بسقي مئات الآلاف من الهكتارات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى