للإعلان
الجزائروجهة نظر

بين حتمية التغيير وأولوية الأمن الوطني

        ونحن نتأمل تاريخنا الزاخر بالأمجاد والبطولات وما نعيشه اليوم وان اعتبرناه حالة صحية لتطور تجسيد مشروع وطني يحقق طموح شعب، مقارنة بما صنعته أمم وشعوب، يتبادر إلى أذهاننا تساؤل نود أن نتقاسمه وإياكم، لماذا صنعت مجتمعات ودول من خلافاتها والشرخ العميق في نسيجها الاجتماعي، الثقافي وحتى الديني والهوياتي تنوعا؟! فحولته إلى مصدر قوة ومنبع للقيم الوطنية محققة بذلك تطورا في شتى مناحي الحياة، في حين لا نزال نحن نراوح أماكننا وندور حوالينا، لا نرى بعضنا ولا نسمع أصوات عقولنا من شدة الدوار!! ليكون نتاج التنوع الذي نزخر به ثقافيا واجتماعيا…اختلافا، فاختلالا، بل ضعفا ومصدر تهديد!؟

         ومن هذا المنطلق، وأمام تحديات ورهانات المرحلة الحساسة التي تعيشها بلادنا، ألم يحن الوقت لنغتنم هذه السانحة لنصنع قدرنا؟! ونساهم كل من موقعه ومقامه في بناء جزائر قوية بمؤسساتها كما نحلم بها جميعا ونستثمر في طاقاتنا الحية ونثمن الوعي الذي بلغه شعبنا وعبر عنه من خلال مسيراته السلمية، لنحقق التغيير المنشود في إطار حوار وطني جامع، علما أن الدول والمجتمعات التي مرت بتجربة كالتي نعيشها ما كانت لتحقق أهدافها وطموحات شعوبها إلى بعاملين مهمين، أولهما التغيير ثم من عمق المجتمع أي من الداخل الوطني بكل مكوناته وارثه الثقافي والحضاري، ولذلك عجز المنظرون والأكاديميون على بلورة “أنموذج” أو “وصفة سحرية” لتحقيق الانتقال أو التحول، أما العامل الثاني يتعلق بقوة التفاف وتلاحم الشعب بجيشه الذي يعد مؤشرا قويا للتجارب الناجحة.

        فها هو الجيش الوطني الشعبي يتمسك بمواقفه للإيفاء بتعهداته التي قطعها أمام الله والشعب متحملا بذلك مسؤوليته التاريخية كاملة، فدعا إلى إجراء انتخابات رئاسية كمرحلة أولى باعتبارها آلية سياسية تجنبنا الوقوع في فوضى الفراغ الدستوري الذي نبه نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في عديد المناسبات من مخاطره وتهديداته.

         وبالرغم أن هذا المسعى رأى فيه العديد من المختصين الطريقة المثلى للخروج من عنق الزجاجة والدخول في الفضاء الآمن لمواصلة التغيير العميق والحقيقي الذي يطمح له الشعب، لا تزال بعض الأطراف، ذات النظرة القاصرة أو الأجندات المشبوهة تحاول عبثا وأده من خلال التشكيك في فعاليته والمطالبة بحلول قد كشفت للشعب مراميها المشبوهة بجلاء، والأكيد قد تغاضى هؤلاء أن هذا المسعى جاء بناء على أولويات وبنظرة استراتيجية وقراءة استشرافية للأوضاع، فالجزائر دولة محورية في محيطها الجغرافي ولا يجب أن تتجاهل التهديدات المرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة والتحولات التي يشهدها العالم في إطار التنافس على مناطق النفوذ وانعكاساته السلبية على الأمن الوطني للدول.

        وتأتي دعوة السيد الفريق إلى ضرورة الالتفاف حول الجيش الوطني الشعبي أكثر من أي وقت مضى، في هذا الظرف الحساس بالذات حيث قال مشددا على الشعب الجزائري أن يتحلى بيقظة شديدة وأن يضع يده في يد جيشه، وان لا يسمح لأصحاب المخططات الخبيثة التسلل بين صفوف الشعب مهما كانت الظروف والأحوال “. فرغم وعي الشعب إلا أن هناك من يشك في أهليته وقدرات شبابه للمشاركة في بناء الوطن، مسوقون بذلك لأفكار تضليلية ذات أبعاد هدامة من قبيل “لا لتأطير الحراك” الذي يحمل بين طياته مغالطة كبرى تهدف إلى تحييد دور النخب والشباب المتشبع بالقيم الوطنية الحقة، فيدعى عرابو هذه المغالطات عدم تمثيل الشعب ويبيتون قياما وقعودا ينصحون! ويوجهون الشباب! عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض المنابر المشبوهة، فذاك يدعوا إلى العنف صراحة، وآخر يتجرع لا وعيا ليقول وعيا! ليدعي فيما بعد رشدا ممن هو من الرشاد عديم، ولكن لا عجب فكل إناء بما فيه ينضح، والأخطر من ذلك التلاعب بالمصطلحات والمفاهيم حيث استغلت بعض شعارات المسيرات السلمية وسوق لها بطريقة خبيثة ماكرة، شبيهة بالتي شهدناها في ما سمي بـ “الربيع العربي” على نحو “إسقاط النظام”، في حين كان مطلب تغييره طموح الشعب وشتان بين هذا وذاك، وعين العقل تقول الفوضى لا تنتج نظاما، وهذه الأساليب ليست بالجديدة، فالإرهاب الذي “يجمع كل العالم على محاربته !” لم تتفق فيه الرؤى على مفهوم واحد وكذا السيادة وحتى الديمقراطية التي يدعيها الكل لا يتفقون على تصور موحد لها، فلا مجال للإيمان بالمثاليات ويكفي فقط الإمعان في واقع الحال الذي يقول أن المصلحة الوطنية والأمن الوطني المحدد الرئيسي في كل ذلك. وبعد كل هذا ألم يحن الوقت لنحرر عقولنا لإنتاج الأفكار والمفاهيم الخاصة بنا، فكفانا استيراد للبرامج والحلول؟

ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب، مقولة قالها ذات يوم الشهيد العربي بن مهيدي إيمانا بقوة الشعب الجزائري الذي احتضن ثورته التحريرية والتف حول جيش التحرير الوطني ملقنا بذلك الاحتلال الفرنسي البغيض درسا في معاني البطولة والتضحية، وها هو اليوم الشعب الجزائري يجدد العهد وبالعقيدة ذاتها التفافه حول الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، الذي تعهد بتحقيق طموحه في التغيير كحق مشروع مع وجوب الحفاظ على الأمن الوطني كأولوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى