للإعلان
الجزائر

الرقمنة سلاح تبون للتصدي لبقايا المافيا الإدارية والحروب الهجينة على الجزائر

أين تبدأ و أين تنتهي السيادة الرقمية؟

رغم أن مفهوم الأمن والسيادة الوطنية ارتبط منذ القدم بعوامل تقليدية ذات صلة بالجغرافيا، إلا أنه في ظل عولمة الاتصالات وتبادل المعلومات وسهولة انتقالها بشكل عابر للجغرافيا، بات من الصعب القطع بفكرة السيطرة المطلقة على المعلومات نظرا للارتباط والاندماج بالشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت)، فبرز مصطلح “السيادة الرقمية” كمصطلح جديد نسبياً، والذي قصد به دفاع بلد ما لاستعادة السيطرة على بياناته وبيانات مواطنيه. وفي الجانب العسكري، يشمل ذلك قدرة دولة على تطوير قدرات الأمن السيبراني الهجومية والدفاعية دون الاعتماد على قدرات أجنبية.

mf

كتبته | ميرة ملاك نورهان


وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعطى إشارة الضوء الأخضر مؤكدا على طابعها الاستعجالي، لمشروع مشروع إنشاء قاعدة لتخزين وحماية المعطيات الإلكترونية، عالمي المستوى (Data center) من قبل الشركة العالمية الصينية هواوي.كما ثمّن الرئيس الجزائري، وضوح الرؤية الخاصة بالتوجّه الرقمي للجزائر، ضمن العرض الذي قدمته الوزيرة المُحافظة السامية للرقمة، مريم بن ميلود.

وحسب الرئيس تبون فإنّ الهدف الأساسي من مشروع الرقمنة الضخم هو القضاء على البيروقراطية، التي تعطّل المشاريع، واعتماد الشفافية في تسيير الشأن العام، وتحديد دقيق لاحتياجات البلاد في كل القطاعات. كما أن المشروع سيكون أحد الأركان لاستراتيجية لا تشمل الجزائر فحسب بل لها أبعاد قارية تدخل في أطار استراتيجية الجزائر المزدوجة للأمن القومي.

في هذا الإطار، تسعى الحكومة الجزائرية إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية الوطنية كجزء من طموحاتها في التحول الرقمي وتكريس السيادة الرقمية كجزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية

وبموازاة ذلك، يعد مشروع بناء مركز البيانات جزءًا من مشروع الرقمنة واسع النطاق الذي تنفذه الحكومة والذي يهدف إلى القضاء على البيروقراطية التي تعيق المشاريع، واعتماد الشفافية في إدارة الشؤون العامة وتحديد احتياجات البلاد بعناية وعدالة بين جميع المناطق في جميع القطاعات  

ومنذ السنوات الأخيرة في الفترة الأخيرة، تحول موضوع التهديدات في الفضاء الافتراضي إلى أولوية في الجزائر سوآءا بالنسبة للسلطات السياسية أو العسكرية.

وأكد الرئيس تبون في مناسبات عدة، أن كسب رهان الأمن السيبرانية “يعتمد أساساً على تثمين العنصر البشري الذي تنبثق منه الكفاءات المتمرسة، المدركة لحيوية المهام المسندة إليها”. ولفت إلى أن “هذا الأمر يولى بأهمية قصوى في توجه الدولة لإحداث نقلة نوعية على مستوى تسيير الشأن العام، من خلال وضع الأسس لاستراتيجية وطنية مدروسة للرقمة، كخيار سيادي”.

وفي كلمة له في افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول “السيادة الرقمية للدولة: سياسات وتجارب مقارنة” الذي نظمته كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر III، أوضح وزير الأتصال محمد لعقاب أن السيادة الرقمية “أصبحت تتصدر أجندة الدولة الجزائرية”، لافتا إلى أن تحقيق السيادة الرقمية “يستدعي تكاتف جهود الجميع”، باعتبارها “عملية شاقة ومكلفة”.

لماذا تشكل البيانات والفضاء السيبراني أولى خطوط المواجهة بالنسبة للجزائر، وكيف تتعامل معها؟

وفي هذا الشأن، تأتي هذه المبادرة في سياق تواجه فيه الجزائر، مثل معظم البلدان الأفريقية، عجزا في سعة مراكز البيانات بينما وفي ضل تسارع وتيرة النشاط الاقتصادي، تعبر الشركات والمؤسسات المحلية عن حاجة متزايدة للخدمات الرقمية والاتصال عالي السرعة. كما أن إشكالية حماية البيانات والذكاء الاقتصادي (economic Intelligence) أضحت تفرض نفسها يقوه. وفقًا لتقرير “مراكز البيانات في أفريقيا” الذي أصدرته مجموعة أكسفورد للأعمال بالشراكة مع جمعية مراكز البيانات الأفريقية (ADCA).

و في تقرير حول موضوع الأمن السيبراني في القارة الإفريقية، أكد المعهد الملكي للشؤون الدولية “شاتام هاوس”، واحد من أشهر مراكز التفكير البريطانية، أن “إفريقيا شهدت، خلال العام الماضي، موجة من الهجمات الإلكترونية، والتي كانت بمثابة دعوة لاستيقاظ الاتحاد الإفريقي على هذا المستوى والذي أدرج نقطة الأمن السيبراني ضمن جدول أعمال القمة المنعقدة هذا العام في أديس أبابا”، و لفت تقرير “شاتام هاوس” إلى أن “بلدان الاتحاد الإفريقي تواجه تحديات كبيرة ومتباينة في هذا المجال نتيجة اختلاف سياقاتها السياسية والاجتماعية والثقافية”، معتبرا في الوقت ذاته أن “إفريقيا كانت مهمشة في السابق في المنتديات العالمية لإدارة الأمن السيبراني، على الرغم من أن هذا الواقع بدأ يتغير مع إبداء دول القارة اهتماما واضحا بالمفاوضات الأممية الرامية إلى صياغة معاهدة عالمية للجرائم السيبرانية”

و في هذا السياق، احتل فيها الفاعل الرقمي أساس المعادلة الأمنية فيما يسمى بالسيادة الرقمية والدفاع السيبراني وحماية البيانات، في ظل فضاء رقمي مفتوح مفعم بالمخاطر والتهديدات الأمنية. كما أنتج هذا الوضع أشكالا من الصراعات الدولية والإقليمية أسهمت فيه الثورة الرقمية بشكل واضح في ترجيح موازين القوى بين الدول التي صارت ترتكز استراتيجيات أمنية ودفاعية تعتمد حرباً معلوماتية ضروساً، البقاء فيها لمن يحسن استخدام تكنولوجيا المعلومات، ويوظفها لخدمة أهدافه الدفاعية أو الهجومية. فالمفهوم الجديد للنظم الدفاعية يبتدأ من التحكم و التوطين لباينات كل دولة.

في هذا الصدد أكد الفريق أول ورئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، على وعي الجزائر العميق بأهمية الأمن السيبراني، الذي أضحى ضرورة حتمية من أجل التصدي لكل التهديدات المستهدفة للأنظمة الحساسة والحيوية للدولة. وأضاف مؤكدا أنه “من الضروري من أجل التصدي لهذه التهديدات، التحلّي باليقظة، وتضافر جهود كل الأطراف المعنية، مدنية وعسكرية، والسهر على تَشارُك الوسائل التقنية المستعملة والتحكم في مختلف مستويات الفضاء السيبراني، من بنية تحتية و موارد بشرية .

وكانت الجزائر من الدول السباقة لأنشاء مشاريع اندماجية على المستوى القاري عبر مشاريع الربط بالألياف البصرية بينها وبين عمقها الاستراتيجي في القارة الأفريقية عبر مشروع انجاز وصلة الالياف البصرية المحورية العابرة للصحراء الذي سيسهم، حسب وزير الاتصالات بنيجيريا، عيسى علي إبراهيم بانتامي، في تطوير الاقتصادات المحلية، مؤكدا ان حكومة بلاده “تقدم دعمها” لإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي. على غرار مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء. ويضم مشروع خطوط الألياف المحورية البصرية العابرة للصحراء التي اتمت الجزائر الشطر الموجود على ترابها على طول 2548كلم، كل من الجزائر وتشاد وموريتانيا والنيجر ونيجيريا ومالي.

وعلق الوزير التشادي الاقتصاد الرقمي, ادريس صالح بشار, ان وصلة الالياف البصرية المحورية العابرة للصحراء ستسمح بربط وسط افريقيا بغربها عبر المتوسط من خلال الجزائر, مضيفا ان بلده يلتزم بتسخير “الامكانيات اللازمة” لانجاز هذا المشروع. كما شدد الوزير الموريتاني للقطاع الشيخ الكبير ولد مولاي الطاهر ان بلاده “لن تدخر اي جهد في سبيل تجسيد مشروع وصلة الالياف البصرية المحورية العابرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى