للإعلان
عربي

غزة.. نقطة تحول في العلاقات بين الأردن و”إسرائيل”..ما دور الجزائر والرياض؟

إلى جانب" اتفاقيات السلام،" تحاول إسرائيل تقييد الأردن باتفاقيات أخرى تسعى عمان إلى التخلص منها بأي ثمن

لا يمكن فهم المشاكل التي تواجه الأردن بشكل كامل على المستوى المحلي دون الأخذ بعين الاعتبار، الإضطرابات الإقليمية والصراعات المنتشرة في الدول المجاورة كعامل أساسي في تفاقم أزمات الجبهة الداخلية التي لم تتردد إسرائيل في الإستثمار فيها.

mf

كتبه أحمد زكريا | ترجمة ميرة ملاك نورهان


 يراهن المحللون أن حرب غزة التي تؤجج غضب الأردنيين ستشكل نقطة تحول في العلاقة بين الأردن والدولة الصهيونية والتي تدهورت بالفعل بعد اغتيال أردنيين اثنين على يد دبلوماسي إسرائيلي في عمان، في يونيو/حزيران 2017.

وفي تلك الحادثة قتل حارس السفارة الإسرائيلية زاييف مويال أردنيين اثنين قال أنّ أحدهما “هاجمه” مما أثار أزمة دبلوماسية بين البلدين منعت السلطات الأردنية على إثرها السفيرة الإسرائيلية عينات شلين من العودة إلى مهامها وكذلك بقية موظفي السفارة الذين غادروا البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن تصاعد السخط الاجتماعي الناجم عن عمليات التقتيل الممنهج، التي يرتكبها الجيش والمستوطنون الصهاينة في غزة والضفة الغربية يرسل إشارات خطيرة للغاية بشأن استقرار النظام الهاشمي.

الأردن لا يحتاج إلى أزمات جديدة، إذ يواجه اقتصاد البلاد مشاكل خطيرة للغاية. فالأزمات الهيكلية ساهمت في إعاقة اقتصاد البلاد وبشكل كبير، خصوصا معضلة ندرة المياه، كما ان ارتفاع أسعار الوقود أدى إلى زيادة العبء الاقتصادي، ناهيك على ارتفاع البطالة إلى نسب كبيرة.

ومنذ سنوات تثير هذه القضايا استياء واسع النطاق تجلى في احتجاج العديد من الأردنيين في الشوارع مما دفع الحكومة الأردنية إلى التفكير في حل استراتيجي يمكن أن يجنبها الفخ الذي نصبته لها حكومة نتنياهو

لا يمكن فهم المشاكل التي تواجه الأردن بشكل كامل على المستوى المحلي دون الأخذ بعين الاعتبار، اضطرابات إقليمية والصراعات المنتشرة في الدول المجاورة كعامل أساسي في تفاقم أزمات الجبهة الداخلية.

وفي هذا السياق يعتقد قادة عمان أن السياسة الإسرائيلية تشكل خطورة كبيرة على النظام الملكي، باستثمارها دون تردد في هاته العوامل الداخلية والخارجية.

وإلى جانب” اتفاقيات السلام،” تحاول إسرائيل تقييد الأردن باتفاقيات أخرى تسعى عمان إلى التخلص منها بأي ثمن.  وتشمل هذه الخطط إنشاء خطوط أنابيب الغاز والمياه الإسرائيلية، والتي من المتوقع أن تمد عمان بالطاقة.  وقال أحد النواب الأردنيين: “ليس هناك شك في تقديم منتجات استراتيجية للإسرائيليين مثل المياه والطاقة بحيث لن يترددوا في استخدامها كسلاح حرب”، مضيفا أن “مثل هذه المشاريع الاستراتيجية تتحقق مع دول حليفة وليس”. مع من لا تعيش إلا الصراعات” والحروب ويبدو أن الجزائر والعربية السعودية على استعداد لتجنيب عمان هذا الفخ…

في مارس 2021 أكد وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني يوسف الشمالي الذي وفد إلى الجزائر أن هاته الأخيرة أبدت تحمسها لتزويد الأردن بالغاز المسال الجزائري لتجنب مخاطر تعريض سيادتها في مجال الطاقة للخطر ممل يمنح المملكة الهاشمية قدرة أكبر على المناورة مع الكيان الصهيوني واقتدار على امتصاص وقع الصراعات متعددة الأبعاد التي تهز الشرق الأوسط.

من جانبه أعلن الوزير الجزائري محمد عرقاب أن بلاده “تدرس جديا إمكانية تزويد الأردن بالنفط الخام والغاز المسال والغاز البترولي المسال والمواد البترولية الأخرى”.

هذه الديناميكية الجديدة للتعاون بين البلدين اللذين لم يتجاوز حجم التبادل التجاري بينهما 232 مليون دولار عام 2021، بدأت فعليا بعد لقاء الملك عبد الله الثاني بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي يسعى إلى إعادة تموقع بلاده وبناء استراتيجية عربية وإفريقية تتناسب مع التحولات الجوهرية التي تشهدها الساحة الجيوسياسية.

ورأت الجزائر من خلال لقاء العاهل الأردني بعبد المجيد تبون في العاصمة الجزائرية يومي 3 و4 ديسمبر 2022، فرصة حاسمة في تعزيز دورها في ملف فلسطين والشرق الأوسط، كقوة توازن إقليمية حيث وجدت من خلال مشروع كهذا مع الأردن فرصة لا تخلو من الرمزية لدخول حلبة الشرق الأوسط باللعب بأحدي أوراقها القوية وهي الطاقة والمواد البترولية. وهذا ما يفسر الظغوط الإقليمية الكبيرة التي تمارسها “اسرائيل” و حلفاءها من أجل إفشال هذا المشروع

أما بالنسبة لمسألة إمدادات المياه فقالت الأردن إنها تتابع المشروع بمفردها.  ونقلت عدة وسائل إعلام أردنية عن مسؤولين قولهم إن عمان لا تحتاج إلى إسرائيل لإنشاء خط الأنابيب، بل وأثارت إمكانية وصول السعودية للإنقاذ والدخول في شراكة مع عمان بدلا من إسرائيل.

ضغط الشارع الأردني صفارة إنذار..

مظاهرات عارمة تهز العاصمة عمان في حراك لاتنوي الحشود وقفه حتى تحقيق مطالبها بقطع العلاقات مع تل أبيب

تستمر الضغوطات التي يمارسها المجتمع المدني الأردني على قادتهم في التزايد احتجاجا على العدوان الصهيوني على السكان الفلسطينيين. ويطالب المتظاهرون، بقطع العلاقات بين عمان و(تل أبيب) ورفع مستوى المواقف الأردنية إلى “درجات التأثير” لمنع استمرار أعمال الإبادة بحق السكان في غزة.

ولليوم التاسع على التوالي، تستمر الحشود بالتدفق من كافة المناطق إلى الشوارع والساحات القريبة من السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان.

وتوعد المتظاهرون بعدم وقف حركتهم حتى إغلاق السفارة نهائيا وإلغاء اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني الموقعة عام1994

كما صدرت دعوات لإقامة صلاة التراويح في رمضان بالقرب من السفارة، مما دفع السلطات الأمنية إلى وضع حواجز تسببت في الازدحام المروري سبب اختناقا حاج لشوارع العاصمة عمان. ولم تمنع أيام الصوم القاسية الحشود المتحمسة من محاولة الوصول إلى مبنى السفارة، لكن القوى الأمنية منعتهم من ذلك.

ورفع المشاركون في التظاهرات لافتات تمجد المقاومة الفلسطينية وتدين الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. كما رفعوا شعارات العارضد الدول العربية المطبعة مطالبين الملك بقطع العلاقات مع “إسرائيل” كما دوت النداءات لقائد الجيش بفتح الحدود حتى يتمكن الشباب من القتال ومساعدة إخوانهم.

وبحسب الشهادات الميدانية، حاولت قوات الأمن الأردنية تفريق المظاهرات والمسيرات بالقوة في ضاحية الرابعة (إحدى ضواحي العاصمة الأردنية عمان)، حيث تقع السفارة الإسرائيلية. وبعد فشلها في وقف التدفق البشري البشرية بدأت الشرطة التي قامت بتمشيط العاصمة والمنطقة المحيطة بالسفارة الإسرائيلية بتوقيف بعضا من زعماء الحراك وتم اعتقال عشرات الناشطين من الرجال والنساء

ومن بين الشخصيات المؤثرة: الناشط النقابي المهندس ميسرة ملص، والباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، كما تم اعتقال الناشط نور أبو غوش وهذا حسبما أفادته قناة الجزيرة القطرية

وتشهد الأردن منذ نحو شهرين احتجاجات تضامنية مع الفلسطينيين. وفي مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الماضي استدعت عمان سفيرها لدى إسرائيل وأبلغت تل أبيب بعدم إعادة سفيرها الذي سبق أن غادر المملكة.

ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في اتصال هاتفي له مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى ضرورة قيام الولايات المتحدة بدور “قيادي” في تعزيز الأفق السياسي للقضية الفلسطينية لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى